24 ساعة
تحت الاضواء الكاشفة
أراء وكتاب
بانوراما
تراجع المداخيل يقرب الجزائر من الاستدانة الخارجية وإنهيار إحتياطات النقد الأجنبي
تفرض الأزمة الاقتصادية الحادة على الجزائر مراجعة قناعاتها ودخول المحظور حيث بات فتح باب الاقتراض الخارجي حسب خبراء أمرا حتميا في ظل تحديات انهيار أسعار النفط وتبعات كورونا وتلاشي كافة هوامش التحرك بما فيها طباعة النقود.
قوض تهاوي أسعار النفط وتبعات كورونا قدرة الجزائر على التحكم في انفلات التوازنات المالية حيث تقلصت الإيرادات وتآكل احتياطي النقد الأجنبي ما يجبر البلد على الاقتراض الخارجي.
وأدى تراجع عائدات النفط والغاز إلى تقلص احتياطات النقد الأجنبي للجزائر، ما قد يعرض اقتصادها الذي يعاني أصلا للخطر وقد يجبرها على اللجوء إلى الاستدانة الخارجية.
الجزائريين يشعرون بمرارة بتباطؤ النشاط الاقتصادي والتجاري من خلال فقدان الوظائف وإغلاق المحال التجارية وتراجع دخل الأسر.
ويعاني اقتصاد الجزائري من قلة التنوع واعتماده على ريع النفط بأكثر من 90 في المئة من عائداته الخارجية، ما يجعله معرضا بشكل كبير للتقلبات في أسعار الأسواق العالمية التي تشهد انخفاضا منذ عام 2014.
وفي قانون المالية لعام 2021، قدّرت الحكومة الجزائرية العجز عند 2700 مليار دينار (17.6 مليار يورو)، مقابل 2380 مليار دينار في 2020، أو ما يقرب من 14 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وينص قانون المالية لعام 2021 على انخفاض احتياطات النقد الأجنبي إلى أقل من 42 مليار دولار في عام 2021،وبين 2014 و2019، تقلّصت هذه الاحتياطيات بنحو 65 في المئة حسب البنك المركزي. ومن المتوقع أن يصل هذا الرقم إلى ما يقرب من 75 في المئة في عام 2021.
واستبعد الرئيس تبون بشكل قاطع اللجوء للاستدانة من صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي باسم “السيادة الوطنية”، مذكرا بالتجربة السيئة للبلد الذي كان مديونا للصندوق في عام 1994.
ولكن الجزائر استنفدت الآن كل الاحتمالات المتاحة لتمويل العجز، بما في ذلك طباعة النقود.
وقام وفد من صندوق النقد الدولي بمهمة “افتراضية” في نوفمبر “لتحيين إطار الاقتصاد الكلي ومناقشة الآفاق والأولويات بالنسبة للجزائر”، حسب وزارة المالية الجزائرية.
وبحث الطرفان “الوسائل التي يتوجب اعتمادها من أجل احتواء العجز في الميزانية وتحفيز النمو وترقية تنويع الاقتصاد الوطني”.
ومن أجل خفض الإنفاق العام في الموازنة، اضطرت شركة النفط العملاقة “سوناطراك” إلى “تقليص نفقاتها واستثماراتها من 14 مليار دولار إلى 7 مليارات دولار من أجل الحفاظ على احتياطات النقد الأجنبي”، كما أوضح الخبير الاقتصادي رابح رغيس.
وقال إنه “نتيجة لذلك، تم تأجيل العديد من المشاريع وتأثر نشاط الحفر”، الأمر الذي قد يجبر سوناطراك على تحمل الديون لإنهاء العام وامتصاص العجز.
وأكد مصدر في وزارة الطاقة أن “تجميد” المشاريع وخفض مصاريف التشغيل والصيانة للمنشآت وخفض اليد العاملة بسبب الوباء، له تأثير سلبي على الإنتاج.
وفي مناسبات عديدة أكد مسؤولون جزائريون أن بلادهم لن تلجأ إلى فتح نافذة الاقتراض رغم الصعوبات الاقتصادية.
ويرى خبراء أن السياسيين يحاولون تبديد مخاوف الأوساط السياسية والاقتصادية الجزائرية، التي ترفض اللجوء إلى التداين خلال الوقت الحالي في ظل حراك سياسي مستمر يراقب خيارات الدولة.
واعترف وزير المالية أيمن عبدالرحمن خلال عرضه لمشروع قانون الموازنة الجديد بأنه “جاء في ظروف استثنائية تخللتها الأزمة النفطية وجائحة كورونا اللتان ألحقتا أضرارا بالغة بمداخيل الخزينة العمومية، وأدتا إلى انكماش غير مسبوق للوتيرة الاقتصادية”.
وقال حينها “لا ملاذ أمام الحكومة التي فشلت في تحقيق الحد الأدنى من التغيير، إلا باللجوء مجددا إلى رصيد النقد الأجنبي ليشهد المزيد من التآكل في المستقبل القريب، الأمر الذي سيرهن سيادة البلاد ومستقبلها”.
ومازالت الجزائر تراهن على الثروات الباطنية لمواجهة حاجياتها الاقتصادية، على غرار النفط والغاز والمناجم، التي خصتها بأهمية قصوى في برنامج الإنعاش الاقتصادي الذي أطلقه عبدالمجيد تبون، خلال الصائفة الماضية للنهوض بالاقتصاد المتهالك.
وتتجه الحكومة إلى تحقيق برنامج تنموي يتضمن 37 بندا، تشمل عدة قطاعات كالطاقة والمالية والصناعة والتكنولوجيات الحديثة، عبر تكثيف وتيرة الاستكشاف والتنقيب عن النفط والغاز في المناطق الشمالية والبحر، في خطوة تستهدف تغطية الاستهلاك الداخلي المتصاعد، وتعويض الآبار الصحراوية التي بلغت مرحلة الشيخوخة، مما أدى إلى تراجع إنتاج البلاد إلى حدود 732000 برميل يوميا وتراجع أكثر في سنوات المقبلة وتشير أغلب توقعات وصول احتياطات النقد الأجنبي للجزائر إلى 29 مليار دولار مما يؤدي إلى إفلاس.