24 ساعة
تحت الاضواء الكاشفة
أراء وكتاب
بانوراما
النظام العسكري الجزائري يتكئ على نظرية المؤامرة وشماعة أيادي خارجية لمواجهة إضراب رجال الحماية المدنية
تشكل نظرية المؤامرة إحدى أساليب النظام العسكري الجزائري الناجحة في احتواء التحركات الاحتجاجية وتبرير فشل،وهو ما بدا واضحا في كل أزمة وخلل حيث عادة ما تسارع السلطات إلى القول بوجود جهات خفية خارجية وداخلية تقف خلفها .
وظل تشبث السلطة بنظرية الأيادي الخارجية والمخططات المشبوهة لضرب استقرار البلاد، محل ازدراء المراقبين لتقاطع الأحداث مع حالة غليان شعبي وانسداد سياسي في البلاد، حيث ظلت متهمة بتعليق الفشل على شماعة الجهات الخارجية التي تستهدف ضرب استقرار الجزائر
واتهم الجيش الجزائري الحاكم أطرافا وصفها بـ”التخريبية” بالسعي إلى “التحريض على الحركات الاحتجاجية والإضرابات من أجل إفشال الانتخابات” التشريعية التي ستجري شهر يونيو.
وأفادت وزارة الدفاع، في افتتاحية العدد الأخير من مجلة الجيش، بأن هذه الإضرابات “ظاهرها المطالبة بالحقوق وباطنها إفشال الانتخابات التشريعية المقبلة وبالتالي إدخال البلاد في متاهات هي في غنى عنها”.
ونهار أمس اتهمت وزارة الداخلية عبر بيان رسمي أطرافا “تحمل أجندات مغرضة ولها حق على الجزائر” بالوقوف وراء احتجاجات أعوان الحماية المدنية، يوم الأحد الماضي.
وتتزايد الاتهامات الموجهة من قبل الجهات الرسمية لـ “الدوائر الأجنبية” في وقت تعيش فيه البلاد مرحلة غير مستقرة بسبب استمرار مسيرات الحراك الشعبي، فضلا عن تزايد الحركات الاجتماعية والعمالية على مستوى العديد من القطاعات المهنية.
وهذه ليست المرة الأولى التي تلجأ فيها السلطة في الجزائر إلى توظيف مصطلح “جهات أجنبية” لتفسير الاضطرابات الداخلية التي تشهدها البلاد.
فقد اتهم الرئيس عبد المجيد تبون بشكل صريح، خلال اجتماع لمجلس الوزراء قبل شهر، “أطرافا خارجية بعضها يحمل أفكارا انفصالية وبعضها الآخر يرتكز على مرجعيات إرهابية، تحاول ضرب استقرار الوطن”، وطالب وقتها القضاء بالتعامل معها “بحزم”.
ويرى الناشط السياسي والنقابي فريد بلحوسين أن “السلطة في الجزائر عندما تسعى لكسر أي حركة احتجاجية تشهر بطاقة الاتهامات الجزافية في حق العديد من الإطارات النقابية”.
وأردف أن “نفس الاتهامات صدرت عن السلطة في إضراب نقابات التربية سنة 2003 لما شلت جميع الثانويات عبر الوطن”.
وأضاف “الاتهامات ستتبع بإجراأت تعسفية تتمثل في التوقيف عن العمل مثلما حصل مع أعوان الحماية المدنية وقد تصل إلى أساليب أكثر قسوة وشدة مثل المتابعات القضائية واختلاق ملفات لا أساس لها من الصحة من أجل تشويه صورة الفاعلين في القطاع النقابي والضغط عليهم”.
وقال بلحوسين “مثل هذه الأساليب لن تخدم الوضع في الجزائر كون أن المضربين والمحتجين يحملون مطالب شرعية تفرض على السلطة الجلوس إلى طاولة الحوار”.
وتساءل في هذا الصدد عن “خلفيات اتهام المضربين للعمل لصالح أطراف أجنبية في الوقت الذي دعا فيه الرئيس إلى حوار شامل مع الشريك الاجتماعي”، مؤكدا أن “الأمر يعكس تناقضا واضحا في خطاب السلطة”.