24 ساعة
تحت الاضواء الكاشفة
أراء وكتاب
بانوراما
جون أفريك: فرنسا تغادر منطقة الساحل ونفوذ الجزائر يتراجع فيها، بينما المغرب يثبت نفوذه في المنطقة
قالت مجلة “جون أفريك” الفرنسية المهتمة بالشؤون الإفريقية، إن فرنسا تغادر منطقة الساحل في إفريقيا بعدما أصبحت جل الدول ترفض تواجدها في المنطقة، وتتبعها الجزائر التي بدأ نفوذها يتراجع، في حين أن المغرب هو الذي يُشكل الاستثناء حيث يسجل تقدما في تثبيت نفوذه في في دول المنطقة.
وجاء هذا في مقال تحليلي لمدير تحرير المجلة المذكورة، فرنسوا سودان، الذي أكد ما سبق أن أشارت إليه العديد من التقارير التي تحدثت في الفترة الأخيرة، عن انحسار نفوذ فرنسا في منقطة الساحل ومغادرتها لأغلب الدول، جراء الانقلابات التي شهدتها دول مثل مالي والنيجر، والتي تأسست على عقيدة رفض التواجد الفرنسي.
كما أشار صاحب المقال، إلى تراجع نفوذ الجزائر مع عدد من دول منطقة الساحل، خاصة بعد أزمتها مع مالي وإقدام الأخيرة على إنهاء اتفاق السلام والمصالحة الذي تم توقيعه تحت الوساطة الجزائرية في 2015، والذي كانت الجزائر تضمن من خلاله استقرار حدودها الجنوبية، على اعتبار أن هذا الاتفاق وضع حدا للمواجهات المسلحة بين النظام الحاكم في مالي، والجماعات المسلحة في الشمال التي تطالب بالانفصال.
ووفق مقال “جون أفريك”، فإن المجالس العسكرية التي تحكم حاليا دول الساحل، كمالي والنيجر وبوركينا فاسو، لا ترتبط بأي علاقات جيدة مع فرنسا، وحتى مع الجزائر، حيث تشهد العلاقات بين تلك المجالس وباريس والجزائر على وقع استمرار تدهور العلاقات الثنائية.
وبالمقابل، يضيف المقال، تضاعف الممكلة المغربية من مبادراتها من أجل اقتناص فرصة كسب علاقات جيدة مع دول الساحل وإشغال الفراغ الناتج عن انحسار النفوذ الفرنسي والجزائري. ومن بين المبادرات الهامة التي استأثرت باهتمام دول الساحل، مبادرة المغرب الأطلسية، والتي تتعلق بتوفير المغرب بنيته التحتية من طرق وموانئ على الواجهة الأطلسية لفائدة دول الساحل التي لا تمتلك واجهات بحرية، من أجل انعاش تجارتها الخارجية، وبالتالي إنعاش اقتصادها المحلي.
وأشار المقال، أن تحولات كثيرة عرفتها منطقة دول الساحل، متجلية في الانقلابات العسكرية، وتفكك التكتل الاقتصادي “إيكواس” على إثر انسحاب دول النيجر ومالي وبوركينا فاسو، مما يُنذر بتحولات كبيرة في المشهد السياسي والاقتصادي في المنطقة، وهي تحولات تخدم مصالح المغرب وفق ما تدل عليه المؤشرات إلى حدود الساعة.
وفي هذا السياق، كانت تقارير فرنسية ودولية قد أشارت إلى أن شروع فرنسا في مساعي رسمية وعلنية لإصلاح علاقاتها مع المملكة المغربية، تتزامن مع تسجيل انحسار كبير في النفوذ الفرنسي في إفريقيا، وخاصة في دول منطقة الساحل.
وأشارت التقارير ذاتها، أن هذه العوامل المرتبطة بتراجع نفوذ فرنسا في إفريقيا مقابل تعميق المغرب لشراكاته في القارة، تلعب دورا مهما في مراجعة باريس لحساباتها مع الرباط، تفاديا للمزيد من “الخسائر الاستراتيجية” في القارة السمراء.
ولم يُخف هذا الأمر، سفير فرنسا في المغرب، كريستوف لوكورتييه، خلال مداخلة له يوم الجمعة الأخير بمدينة الدار البيضاء في لقاء حول العلاقات الفرنسية المغربية بكلية العلوم القانونية، حيث أكد على أن المغرب تمكن من إقامة علاقات مميزة مع البلدان الإفريقية، وخاصة دول الساحل وغرب إفريقيا.
وانطلاقا من هذا المعطى، قال السفير الفرنسي، بأن باريس يُمكنها أن تعمل سوية مع الرباط لتحقيق “التضامن والمصير المشترك أمام منافسيهما”، خاصة أن المغرب يحظى بعلاقات مستقرة مع بلدان إفريقيا ويُنظر إليه من قبل الرأي العام بشكل أفضل في منطقة الساحل.
وتجدر الإشارة في هذا السياق، أن فرنسا كانت قد واجهت منافسة قوية في إفريقيا في السنوات الأخيرة، من طرف دول كروسيا والصين، كما أن صورتها تضررت بشكل كبير لدى الرأي العام الإفريقي، وهو ما جعل العديد من المحتجين والمتظاهرين في بلدان إفريقية عديدة يطالبون بإنهاء تواجدها، وهو ما حدث في مالي والنيجر وبوركينا فاسو وغيرها من البلدان.
ويبدو وفق قراءات التقارير الإعلامية الدولية، أن رغبة فرنسا في ترميم علاقاتها مع المغرب، تدخل في إطار محاولات وقف انحسار نفوذها في القارة الإفريقية، والعودة من جديد إلى الواجهة عبر بوابة المغرب، أو على الأقل عدم خسارة العلاقات مع بلد إفريقي هام في المنطقة، ألا هو المملكة المغربية.