فرنسا تشيد بأداء الشرطة المغربية .. تصور واقعي وخبرة في مكافحة الجريمة
إشادة واسعة أبداها جيرالد دارمانان، وزير الداخلية وما وراء البحار الفرنسي، بشأن التعاون الأمني بين فرنسا والمغرب، قائلا إنه “لولا أصدقاؤنا المغاربة والعمل المتميز الذي تقوم به الشرطة القضائية المغربية لكانت فرنسا في خطر أكثر مما هي عليه”.
وأوضح دارمانان خلال لقاء صحافي عقب مباحثاته مع وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، الاثنين، إن “التوقيفات التي نفذها المغرب استجابة للطلبات المقدمة من قبل فرنسا تعكس الفعالية الكبرى للشرطة المغربية”، مشددا على أنه “لولا مصالح الاستخبارات المغربية لكانت فرنسا أكثر تضررا”.
تصور واقعي
وفي هذا الإطار، قال البراق شادي عبد السلام، خبير دولي في إدارة الأزمات وتحليل الصراع وتدبير المخاطر، إن زيارة جيرالد دارمانان، وزير الداخلية وما وراء البحار الفرنسي، إلى المغرب وتصريحاته بشكل مجمل هي “مهمة جدا وتشكل فرصة لإنهاء سنوات من شد الحبل بين باريس والرباط، وقد تساهم في إرساء مرتكزات جديدة لبناء تصور واقعي لإعادة الدفء إلى العلاقات المغربية الفرنسية”.
وأضاف عبد السلام: “هذه التصريحات تشكل منطلقا جديدا أمام باقي الفاعلين في الإليزيه لإرساء مقاربة جديدة لإدارة العلاقات الخارجية مع المغرب؛ بالنظر إلى الوضع التاريخي للعلاقات المغربية الفرنسية والحجم الكبير للمعاملات الاقتصادية بين البلدين والتقدير الكبير الذي تحظى به الاستثمارات الفرنسية في المغرب منذ عقود”.
واعتبر الخبير المغربي أن إشادة وزير الداخلية وما وراء البحار الفرنسي “بالنموذج الأمني للمملكة المغربية التي يعكسه العمل النوعي لوزارة الداخلية والمديرية العامة للأمن الوطني وباقي الأجهزة الأمنية هو تأكيد على دور هذه المؤسسات الاستراتيجية للمملكة المركزي في حماية الأمن الإقليمي والدولي بفضل التنزيل السليم للرؤية الملكية المستنيرة في المجال الأمني بأبعاده المتعددة”، متابعا: “تعد الشراكة المغربية الفرنسية على المستوى الأمني نموذجا مهما للمقاربة متعددة الأبعاد التي تنخرط بها المملكة إلى جانب شركائها وأصدقائها بهدف تحقيق الأمن والاستقرار على الصعيدين الإقليمي والدولي، خصوصا على صعيد محاربة الإرهاب ومكافحة الاتجار بالبشر والجريمة المنظمة في ظل الوضع الإقليمي المشتعل”.
وأبرز عبد السلام أن “تصريحات دارمانان تعكس رغبة الطرف الفرنسي في تطوير العلاقات المغربية الفرنسية وإعادتها إلى سكتها الصحيحة وفق خارطة طريق متكاملة تلتزم بالتعاون المشترك في مختلف الملفات المشتركة المطروحة على طاولة الحوار الاستراتيجي المغربي الفرنسي؛ كملف التعاون الأمني والاستخباري لمكافحة الإرهاب والجريمة العابرة للقارات والاتجار في البشر والجريمة الإلكترونية والاستفادة الفرنسية من المقاربة لمعالجة الشأن الديني وتنظيم التظاهرات الرياضية الكبرى كأولمبياد باريس 2024 وكأس إفريقيا 2025”.
وعبر الخبير الدولي في إدارة الأزمات وتحليل الصراع وتدبير المخاطر عن ثقته “في قدرة الجهود الدبلوماسية المبذولة من الطرفين المغربي والفرنسي على الاستمرار في الحوار البناء للوصول إلى نتائج وإعلان مواقف تترجم عمق العلاقات المغربية الفرنسية وتؤكد على طبيعتها الاستثنائية”.
وتابع المتحدث ذاته: “في ظل هذه الحركية القوية التي تعرفها العلاقات المغربية الفرنسية مرة أخرى، صانع القرار السياسي في الإليزيه مطالب بفصل مسار العلاقات المغربية -الفرنسية عن باقي المسارات الإقليمية وبشكل خاص المسار الجزائري؛ فانطلاقا من ثوابت الدبلوماسية المغربية المرتكزة على مبدأ حسن النية والالتزام بالقانون الدولي الإنساني ودعم كل المبادرات البناءة إقليميا ودوليا فإن المغرب لا يجد حرجا في تطور العلاقات الفرنسية الجزائرية بشكل يخدم الاستقرار الإقليمي، لكن في الوقت نفسه هذا التقارب يجب ألا يكون على حساب سيادة المغرب وحقوقه غير القابلة للتصرف”.
الخبرة المغربية
قال رشيد لزرق، رئيس مركز شمال إفريقيا للدراسات والابحاث وتقييم السياسات العمومية، إن “المغرب يلعب دورا أساسيا في مكافحة الجريمة بما اكتسبه جهازه الأمني من خبرة وتمرس في محاربة التطرف والإرهاب ومواجهة الجريمة المنظمة العابرة القارات”.
وأضاف لزرق، ضمن تصريح لهسبريس، أن “موضوع الأمن بات محط تعاون دولي لمواجهة التحديات”، مشيرا إلى أن “فرنسا تدرك دور الأمن، خاصة أنها تحضر نفسها لاحتضان تظاهرة دولية كبرى بحجم الألعاب الأولمبية”، لافتا الانتباه إلى أن “حضور وزير الداخلية الفرنسي يأتي لهذه الغاية بعد الانفراج الذي شهدته العلاقات المغربية الفرنسية، خاصة في ظل وجود جالية مغاربية كبرى على التراب الفرنسي”.
وأردف المتحدث عينه: “هذا كله يأتي في إطار تحضير لزيارة دولة سيقوم بها رئيس الجمهورية الفرنسية إيمانويل ماكرون للمغرب، والمنتظر منها موقف فرنسي واضح في قضية الوحدة الترابية لكون طي هذا الملف لا شك في أنه سيساهم في استقرار المنطقة ويحول دون تكاثر الجريمة المنظمة وأخطار الانفصال”.