24 ساعة
تحت الاضواء الكاشفة
أراء وكتاب
بانوراما
يوم عصيب لتبون في القبائل.. الشرطة أكثر من السكان في شوارع تيزي وزو مخافة اندلاع الاحتجاجات المنادية بـ”الاستقلال” عن الجزائر
على الرغم من تأجيلها عدة مرات، مخافة الاحتجاجات والحرج، كانت زيارة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى مدينة تيزي وزو، أكبر مدن منطقة القبائل المطالبة بالانفصالية، “فضائحية” بسبب العدد القليل من السكان الذين خرجوا لاستقباله، في مقابل العدد الكبير من عناصر الشرطة الذين انتشروا في كل مكان ورافقوا الرئيس في كل تحركاته.
ومنذ 3 أشهر على الأقل، شرع النظام الجزائري في الإعداد لزيارة الرئيس تبون إلى المنطقة الموجودة في شمال البلاد، والمنادية بتقرير المصير من أجل “الاستقلال” عن الجزائر، وبعد تأجيلها كثيرا دون الكشف عن الأسباب، سافر تبون إلى هناك في محاولة لاستدرار تعاطف ودعم القبائليين قبل الإعلان عن ترشحه لرئاسة الجمهورية لولاية ثانية.
وحاولت رئاسة الجمهورية والإعلام الرسمي التركيز على أكبر عدد ممكن من الناس في الصور والفيديوهات التي نشرتها، والتي ركزت على مواقع معينة خلال تحركات تبون في الولاية يوم أمس الأربعاء، من خلال لقطات ثابتة الهدف منها إبراز المشهد على أنه استقبال شعبي طبيعي للرئيس، الذي كان مرفوقا برئيس أركان الجيش، السعيد شنقريحة.
لكن هذه المساعي باءت بالفشل، إذ لم يتوانَ القبائليون عن نشر العديد من الصور ولقطات الفيديو عبر منصات التواصل الاجتماعي، التي تظهر أن معظم الشوارع التي تحرك فيها تبون تَجَمَّعَ فيها العشرات فقط من السكان، بل إن مشاهد أخرى كانت أكثر وقعا، لأنها أظهرت الانتشار الكثيف لرجال الأمن على طول الشوارع لدرجة أن أعدادهم كانت أكبر بكثير من أعداد المواطنين.
وأكدت تلك الصور مناخ انعدام الثقة بين النظام الجزائري وبين سكان منطقة القبائل، كما أثبتت المعطيات التي تسربت قبل الزيارة، والتي نشرتها “الصحيفة”، بخصوص إطلاق النظام عملية عسكرة واسعة في تيزي وزو لمنع أي تحركات احتجاجية للأهالي الذين يعانون من أوضاع اجتماعية مزرية، والذين رفعوا لسنوات مطالب اقتصادية وسياسية.
وكانت الزيارة مقررةً شهر ماي الماضي، واستعدادا لذلك عملت سلطات البلد النفطي جاهدة على إقناع السكان بالتعامل بشكل إيجابي مع رئيس الجمهورية، من خلال الترويج لمجموعة من المشاريع الاقتصادية التي سيتم تدشيها ولمُصالحة اجتماعية وسياسية مُستقبلية، مع تخفيف سياسة الاعتقالات خصوصا في صفوف النشطاء المطالبين بالانفصال.
وتخشى السلطات الجزائرية تكرار مشاهد المقاطع القياسية للانتخابات التي شهدتها مدن تيزي وزو وبجاية ودن قبائلية أخرى، في رئاسيات 2019، والتي سجلت العديد من مكاتب الاقتراع فيها نسبة مشاركة لم تزد عن 0 في المائة، بل وتدخلت الشرطة في يوم الانتخاب مستخدمة سلاح القمع والاعتقالات في حق المحتجين، وهو أمر تكرر في انتخابات 2021 التشريعية.
لذلك، فإن، الرئيس الجزائري هذه المرة كان حذرا جدا قبل التحرك نحو القبائل، وظل يؤجل الزيارة منذ شهر ماي الماضي، وقبل أن يحل بتيزي وزو غيَّرَ 5 رؤساء أمن في الولايات القبائلية، ويتعلق الأمر بولايات بومرداس وبرج بوعريريج والبويرة وجيجل وسكيكدة، وذلك بعدما شهدت خلال الأسابيع والأشهر الماضية عودة الزخم الاحتجاجي.
زيارة تبون سبقها أيضا تحرك نوعي من طرف حركة تقرير المصير في القبائل، المعرفة اختصارا بـ”الماك”، حيث أعلن رئيس حكومتها في المنفى، فرحات مهني، تاريخ 14 يونيو منكل عام يوما للاحتفال بالعيد الوطني لـ”الجمورية” التي يسعى إلى استقلالها عن الجزائر.