24 ساعة
تحت الاضواء الكاشفة
أراء وكتاب
بانوراما
جهات معادية للمغرب تستعين بالتضليل الإعلامي بعد الفشل في ملف الصحراء
بعد فشلها في تحقيق أي انتصار في الحرب الوهمية التي تخوضها ضد المغرب في الصحراء لجأت الجهات المعادية للوحدة الترابية، والداعمة للمشروع الانفصالي، إلى حرب المعلومات المضللة، إذ روجت بعض الصفحات ووسائل الإعلام المحسوبة على البوليساريو والجزائر مراسلة مزيفة تزعم أن المديرية العامة للأمن الوطني في المغرب وجهتها إلى مديري مختلف وسائل الإعلام في المملكة، لتحتهم على “عدم الخوض في المسائل الأمنية والعسكرية الحساسة، بمقتضى الوضع الاستثنائي للمملكة بعد فرار 14 ضابطا مغربيا من سلاح المدفعية بالأقاليم الجنوبية”.
ورغم أن مجرد إلقاء نظرة أولى على هذه الوثيقة، التي صيغ مضمونها بأنواع وأحجام مختلفة من الخطوط، يكفي للتأكد من زيفها، إلا أن المديرية العامة للأمن الوطني قطعت الشك باليقين لما أصدرت بلاغا توضيحا تؤكد من خلاله أن الوثيقة المنسوبة إليها، والمتداولة على صفحات التواصل الاجتماعي، لا تخصها وغير صادرة نهائيا عن مصالحها المركزية، مشيرة في الوقت ذاته إلى فتح بحث قضائي تحت إشراف النيابة العامة المختصة لـ”رصد مصدر هذه الوثيقة المزورة وضبط المتورطين في نشرها بشكل مضلل”.
ويبدو أن الهدف من نشر هذه الإشاعة واضح بالنظر إلى التطورات الأخيرة التي يشهدها ملف الصحراء المغربية، أمام عجز المقاربات العسكرية والدبلوماسية للانفصاليين، إذ سبق لعدد من قيادات البوليساريو أن أقروا بأن “الحرب الإعلامية والدعائية” هي جزء من المواجهة التي يخوضها هذا التنظيم ضد المغرب. كما أُعلن في ماي الماضي عن تأسيس ما تسمى “فيدرالية الصحافيين والإعلاميين المهتمين والمتضامنين مع القضية الصحراوية”، وضعت ضمن أهدافها إنشاء شبكة دولية لتبادل المعلومات وتوحيد الجهود الإعلامية على هذا المستوى.
وسبق لوسائل إعلام معادية أن اعتمدت الإستراتيجية التضليلية نفسها في مناسبات عديدة، إبان نشر إشاعات عن مشاركة جنود مغاربة في الحرب ضد غزة. ويؤكد البراق شادي عبد السلام، خبير دولي في إدارة الأزمات وتحليل الصراع وتدبير المخاطر، في هذا الصدد، أن “نشر هذه الوثيقة المزورة جزء من حرب خبيثة تقوم بها المخابرات الجزائرية في إطار ما تسمى الجيل الرابع من الحروب، التي تعتمد على أساليب الإشاعات والأكاذيب والتضليل الإعلامي والخداع الإستراتيجي من أجل استهداف الجبهة الداخلية للعدو والإضرار بمصالحه العليا”.
وفي حديثه عن سياق اللجوء إلى هذه الأساليب أوضح المتحدث ذاته أن “الأمر مرتبط أولا بالانتصارات الكبرى التي تحققها الدبلوماسية المغربية في ملف الوحدة الترابية، خاصة بعد قرارات كل من فرنسا وفنلندا، مع دول أخرى وازنة في طريقها إلى اتخاذ قرارات مماثلة، وهو الأمر الذي يشكل هزيمة حقيقية للنظام الجزائري الذي يراهن على ميليشيا إرهابية لتحقيق طموحاته في الهيمنة الإقليمية ووضع اليد الجزائرية على مقدرات وثروات الشعوب المغاربية”.
النظام الجزائري بعد فشله في ترويج أسطورة الحرب الوهمية التي تشنها ميليشيا البوليساريو الإرهابية في الأقاليم الجنوبية لجأ إلى استخدام أدوات التضليل ونشر الأخبار الكاذبة، لتدجين الشعب الجزائري المغلوب على أمره لتبرير سياساته العدائية من أجل تبديد ثروات ومقدرات الجزائر في الصفقات العسكرية وسياسات التسليح الفاشلة على حساب جهود التنمية”.
الأمر مرتبط أيضا بمضامين تقرير الأمين العام للأمم المتحدة الأخير حول الوضع في الصحراء، الذي أكد أن المملكة المغربية ومؤسساتها الإستراتيجية، وفي مقدمتها القوات المسلحة الملكية، تقوم بدورها كاملا في الحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة، من خلال صدها كل محاولات الاعتداء أو التسلل التي تقوم بها العناصر المسلحة التابعة لميليشيات البوليساريو الإرهابية”، لافتا إلى أن “المغرب بفضل مهنية واحترافية الجيش المغربي استطاع أن يفرض حظرا بريا وجويا على المناطق المغربية شرق الجدار الأمني العازل، ما ضيق مساحات التحرك أمام عصابات البوليساريو المتخصصة في تهريب المخدرات والاتجار بالبشر، وتوفير الإمدادات اللوجيستية للجماعات المتطرفة في الصحراء الكبرى والساحل”.
الوثيقة المزورة أساسا موجهة إلى الرأي العام الداخلي الجزائري، والمحتجزين في مخيمات تندوف، وليس إلى الرأي العام المغربي، إذ إن المخابرات الجزائرية على يقين تام بالثقة الكبيرة التي يضعها الشعب المغربي في المؤسسات الإستراتيجية للوطن، وفي مقدمتها القوات المسلحة الملكية المغربية تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس القائد الأعلى ورئيس الأركان العامة”.
تفحص الجهة التي روجت لهذه الوثيقة المزورة وعلقت عليها يبين أن لها أهدافا غير مباشرة، تتمثل في إيهام المتلقي بتحكم المديرية العامة للأمن الوطني في الإعلام والصحافة المغربية، من خلال توجيه هذه الأخيرة بتعليمات مكتوبة أو شفوية إلى مديري النشر والصحافيين، للتعاطي مع أخبار بعينها، في حين أن هذا الأمر إنما تعيشه الجزائر من خلال مديرية الإيصال والإعلام والتوجيه (مكتب المحافظة السياسية للجيش سابقا) التي تقوم بتوجيه الإعلام الجزائري للقيام بحملات مغرضة، من خلال حملات التحريض والتشهير ونشر الأكاذيب والأراجيف، خدمة للأجندات التوسعية للنظام في الجزائر”.