24 ساعة
تحت الاضواء الكاشفة
أراء وكتاب
بانوراما
الجزائر: رئيس أركان الجيش يتغلغل في عمق الحكومة
قام الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، يوم الاثنين 18 نونبر 2024، بإجراء تعديل حكومي تميز بدخول رئيس أركان الجيش، الفريق أول سعيد شنقريحة، إلى الحكومة كوزير منتدب لدى وزير الدفاع. هذا المنصب ليس جديدا، إذ سبق إنشاؤه خلال الولاية الثانية للرئيس بوتفليقة عام 2005، في إطار تقاسم السلطة بين الرئاسة الجزائرية والقيادة العسكرية. غير أن الوضع ازداد سوءا تحت حكم تبون، حيث تُنقل السلطة السياسية والاقتصادية بالكامل إلى الجيش.
في مقابلة أجراها مع وسيلتي إعلام محليتين يوم 4 أكتوبر الماضي، أعلن تبون بنفسه أنه سيعين حكومة جديدة تتضمن « أفضل الكفاءات » و »الأطر العليا ذات الخبرة ». وباعترافه بأن ولايته الأولى شهدت أزمات ونقصا بسبب ضعف أداء الحكومات السابقة، فإنه أعاد في النهاية تعيين معظم الوزراء الذين عملوا معه في ولايته الأولى.
وأظهر تبون تجاهلا للأحزاب السياسية التي دعمت حملته الانتخابية، حيث لم يتم استشارتها أو منحها أي مناصب، وخاصة حزب عبد القادر بن قرينة، الذي قدم تبون كمرشحه الخاص. لكن في الجزائر، يبقى دعم الأحزاب السياسية أقل وزنا مقارنة بالدعم الحاسم من طرف جنرالات الجيش.
من المنطقي أن تكون « هدية ما بعد الانتخابات » قد مُنحت إلى سعيد شنقريحة، تكريما لدوره في إبقاء تبون في السلطة خلال ولايته الأولى، بعد أن كان الفريق أحمد قايد صالح هو من أوصله للرئاسة. كما ساهم شنقريحة في تأمين عهدة ثانية لتبون.
شنقريحة، الرجل القوي في الجيش، حصل على منصب سياسي بارز كوزير منتدب لدى وزير الدفاع، وهو منصب شكلي يشغله الرئيس على الورق فقط منذ 1990، لكنه يمثل نقطة صراع مستمر بين الرئاسة والقيادة العسكرية.
خلال ولاية تبون الأولى، كان شنقريحة هو صاحب النفوذ الفعلي في وزارة الدفاع، خصوصا داخل أجهزة الاستخبارات. فقد قام بإقالة وسجن عشرات الجنرالات والضباط الكبار دون أن يجرؤ تبون على التدخل.
مع تعديل الحكومة، أصبح شنقريحة يتمتع بصلاحيات قانونية موسعة كوزير منتدب، تمكنه من اتخاذ قرارات سياسية مباشرة. عند إعلان تشكيل الحكومة الجديدة، وُضع اسمه في المرتبة الثانية بعد رئيس الوزراء، متقدما على وزراء الدولة الآخرين.
من المتوقع أن يستخدم شنقريحة سلطاته الجديدة لإجراء تغييرات كبيرة داخل الجيش، بما في ذلك تعيين ضباط موالين له. كما يُرجح استبعاد جنرالات بارزين مثل قائد الحرس الجمهوري، بن علي بن علي، وقائد القوات البرية، عمار عثامنية.
بميزانية تتجاوز 25 مليار دولار، سيعزز شنقريحة ولاء كبار الجنرالات عبر صفقات مربحة، مما يجعل الجيش يهيمن بشكل كامل على السياسة والاقتصاد الجزائريين.