الحلف الإيراني الجزائري وتهديده لأمن المنطقة
بدأ المد الشيعي الإيراني يعرف انتشارا واسعا في الجزائر منذ ثمانينات القرن الماضي، على غرار ما تفعله في بلدان أخرى في الشرق الأوسط وأفريقيا، متبعة لأجل ذلك أساليب مختلفة بين الجهر والتقية، من أجل توسيع دائرة نفوذها وقوتها وبناء قاعدة شعبية شيعية تنفذ الأجندة الإيرانية بشكل ممنهج وفق خطة طويلة الأمد.
لقد سعى بعد ذلك النظام الإيراني من أجل تثبيت أقدامه إلى إنشاء حاضنة شعبية لفكره المتطرف، حيث انتقل من نشر التشيع إلى دعم الانفصال بالمال والسلاح لشرذمة البوليساريو الإرهابية، باتفاق مع حليفته الجزائر، مما حدا بالمغرب أن يقوم بقطع علاقاته الدبلوماسية مع طهران، إثر تحركات إيران المشبوهة مرتين الأولى سنة 2009 والثانية سنة 2018، خاصة بعدما رصدت تحركات كثيرة ومشبوهة للملحق الثقافي الإيراني ببلادنا.
أما في سنة 2018 فقد ثبت بالأدلة الدامغة ضبط التقارب الإيراني مع انفصاليي البوليساريو في إطار مخطط إيراني للهيمنة على شمال وغرب إفريقيا، وتبين ذلك التقارب جليا بعد حصول المغرب على معلومات كشفت دعما ماليا ولوجيستيا وعسكريا قدمه حزب الله اللبناني للبوليساريو وذلك بتنسيق مع سفارة إيران في الجزائر وكذلك تقديم مساعدات لتكوين فصائل عسكرية وتدريبها فضلا عن تسليحها، بل لقد سلمت لهؤلاء المرتزقة مؤخرا طائرات مسيرة، وهو تطور خطير من شأنه أن يزعزع الاستقرار ويهدد السلم والأمن الإقليمي والدولي.
إن هذا الدعم اللوجيستي الإيراني أكده المدعو عمر منصور عضو أمانته الوهمية خلال زيارته الأخيرة إلى نواكشوط حيث صرح أن جماعة البوليساريو الإرهابية تعتزم استخدام طائرات مسيرة مسلحة ضد القوات المسلحة الملكية على طول الجدار الدفاعي في الصحراء المغربية، وشدد على أن ” توتر الحرب لايزال في تصاعد، ولكن مع إدخال أسلحة وفاعلين جدد”.
الرد المغربي إزاء هاته التهديدات كان قويا على لسان السفير الدائم للمملكة المغربية في الأمم المتحدة عمر هلال ، أنه في حال استعمال “البوليساريو” الطائرات المسيرة التي من شأنها تهديد سلامة وأمن الأراضي المغربية، أن المملكة المغربية ” ستتصرف بقوة وأن العواقب ستكون وخيمة على البوليساريو” مؤكدا أن “الأمر سيترك للقوات المسلحة الملكية لتحديد كيفية الرد”، وفي سياق اتهامه لإيران عرض السفير المغربي وبالأدلة القاطعة والملموسة صورا لطائرات مسيرة سلمتها إيران إلى مرتزقة البوليساريو، وتأتي هذه التطورات بعد أسابيع على اتهام وزير خارجية المملكة المغربية ناصر بوريطة إيران بـ”تهديد السلم الإقليمي والدولي”، معتبرا أنها أضحت هي “الراعي الرسمي للانفصال ودعم الجماعات الإرهابية في عدد من الدول العربية”، وذلك خلال مؤتمر صحفي عقده مع نظيره اليمني أحمد عوض بن مبارك في الثالث من أكتوبر الحالي بالرباط، وحمل رئيس الدبلوماسية المغربية المجتمع الدولي مسؤولية تطور الأوضاع في حال عدم تصديه للجانب الإيراني.
إنه وخلال اجتماع وزراء الخارجية العرب التحضيري للقمة العربية والذي ينعقد بالجزائر، حاول النظام العسكري الجزائري وبحضور الوفود العربية، استفزاز الوفد المغربي الذي وضع الجزائر أمام مسؤوليتها التاريخية في دعم النظام الإيراني المهدد للأمن القومي ولأمن المغرب والدول العربية متحديا عراب النظام رمطان لعمامرة، حيث تم إدراج نقطة طالب من خلالها الوفد المغربي التأكيد على تسليح إيران للبوليساريو بالدرونات واستهدافها للأراضي العربية سواء في الخليج أو المغرب ضمن جدول الأعمال، مما كشف القناع عن الوجه الحقيقي لحكام الجزائر ولمخططاتهم الدنيئة ضد المغرب وضد المنطقة.
لقد نجح المغرب في إدراج ملف التدخلات الإيرانية في شؤون الدول العربية مسجلا انتصارا ديبلوماسيا مغربيا ينم عن حرفية ومهنية عالية في عقر جحر الجنيرالات الذين كانوا يمنون النفس أن تترك المملكة المغربية الكرسي شاغرا وتغادر القمة.
لقد غاب عنهم أنه ليس من قواعد وأعراف العمل الديبلوماسي المغربي وفق التعليمات الملكية السامية، أن يغادر الوفد المغربي قاعة الاجتماعات، بل أن يدافع من داخل أروقة الاجتماعات على حقوق المغرب المشروعة ومصالحه الحيوية.
أمام هذا الانتصار الديبلوماسي المغربي الذي كشف عن حجم المخطط الإرهابي الجزائري الإيراني بالمنطقة، لوحظت ردود أفعال انفعالية ودونكيشوطية من الجانب الجزائري والإيراني، حيث هدد السفير السابق في سفارة إيران بالجزائر “أمير موسوي” باحتلال الصحراء المغربية خلال سويعات..! من طرف كل من إيران وحزب الله والجزائر ومرتزقتها، في مداخلة له بقناة الميادين التابعة للنظام الإيراني.
هكذا يسقط قناع التقية عن النظام الإيراني وحليفته الجزائر، حيث ينويان تعريض المنطقة لتوتر من شأنه أن تكون له انعكاسات سلبية على السلم والأمن الدوليين.
إنه يجب على مجلس الأمن الدولي أن يتصدى لهذه الاستفزازات الإرهابية وأن يلجم النظامين عبر قرارات ردعية وعقوبات زجرية من أجل الانتصار للمشروعية الدولية التي يحميها ويؤطرها القانون الدولي.
أما المدعو “موسوي” فيجب عليه أن يعود إلى قراءة كتب التاريخ جيدا، وأن يبتعد عن الشطحات والعنتريات التي أظن أنه قد أسهب في قراءتها كثيرا… حتى يعلم أن المغرب الدولة الأمة ذات التاريخ البطولي المجيد، أنها مقبرة للغزاة، وأن المغرب كبير برجاله، وأن الصحراء مغربية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها…