24 ساعة
تحت الاضواء الكاشفة
أراء وكتاب
بانوراما
الجزائر، وورقة التاريخ المحروقة!؟
ليس صحيحا أن العداء لفرنسا مازال يخدم النظام الجزائري شعبيا! بل بالعكس، لم يعد الشعب الجزائري وأكثريته الشباب، يستصيغ حكاية العداء لفرنسا، وبات يعي أن السلطة توظفها كورقة أو مظلة للوطنية، لخدمة أجنداتها السياسية الضيقة!
نعم، الهاجس العام لدى الشباب الجزائري اليوم، هو مغادرة البلاد بالتأشيرة، او عن طريق الحرڤة! وهذه الهجرة، أساسها التوجه إلى فرنسا بالدرجة الأولى، فالسواد الأعظم من الحراڤة نحو الضفة الشمالية للمتوسط، يتجهون صوب فرنسا تحديدا! كما أن التاريخ الجزائري المبني على معاداة فرنسا، لم يعد سلعة سياسية رائجة شعبيا! وقد وصل الحال بالمأساة الوطنية للحكم، إلى حد أن بعض الشباب، أصبح يعتبر الاستقلال من الأخطاء التاريخية! حتى “الحركى” وأحفادهم، لم يعد المجتمع الجزائري له حساسية منهم، ولا يتوجسون منهم خيفة، خاصة عندما يزورون الجزائر! ربما وجدوا أن “الحركى” الجدد أكثر ضراوة، وفتكا، من “الحركى” القدامى!؟
الشباب الجزائري المحروم، أصبح لا يرى فرقا بين”الحركى” الذين هم وأبناءهم من علية القوم في فرنسا، بل أصبح أبناؤهم يتقلدون أسمى المناصب، وبين المسؤولين وأبناء المسؤولين الجزائريين الذين يفنون أعمارهم في الحكم، لكن يبنون مستقبلهم ومستقبل أبنائهم في فرنسا!؟
لقد انتقل هاجس الحرڤة من عامة الناس الجزائريين، إلى رجال السلطة أساسا، فكل، أو جُّل المسؤولين وأبناءهم يتواجدون في الخارج، وفرنسا تحديدا! وغالبية السلك الديبلوماسي الجزائري بالخصوص، لا تعود أُسرُهم إلى الجزائر، لهذا نجد السواد الأعظم من الوزراء، والديبلوماسيين ينتقلون إلى الخارج بعد تقاعدهم، وتعد فرنسا وجهتهم المفضلة! ولهذا يضعون أموالهم في البنوك الأجنبية، ولا تجدها في البنوك الجزائرية، ويشترون بها العقارات والأملاك خاصة بفرنسا! لهذا لم تعد بضاعة العداء لفرنسا تنطلي على الجزائريين، وليس بإمكان السلطة تسويقها للشباب الجزائري!
حتى فرنسا فهمت هذه الحقيقة، فأصبحت تزدري بالسلطة الجزائرية،عندما تحاول هذه الأخيرة أخراج بطاقة التاريخ، والذاكرة، والجماجم!؟ حتى وصل بفرنسا الأمر مقايضة المسؤولين الجزائريين في مَنْحِهِم التأشيرة!؟ ..أيُ بلاءٍ نزل على الجزائر؟!
نعم السلطة في الجزائر ما تزال تبني علاقتها مع فرنسا على ورقة سياسية، تأكدت فرنسا من انتهاء صلاحيتها منذ ربع قرن تقريبا! عندما أصبحت “الفيزا” أحد أحلام الشباب الجزائري !
كنا في السبعينات نتحدث عن عودة المهاجرين إلى الجزائر، واليوم أصبحنا نتحدث عن الهجرة دون عودة!