24 ساعة
تحت الاضواء الكاشفة
أراء وكتاب
بانوراما
هل تدفع بوراوي فرنسا لإعلان دعمها للمغرب في قضية الصحراء مثلما فعل “ابن بطوش” مع إسبانيا؟
تسببت قضية تهريب الناشطة أميرة بوراوي، من الجزائر نحو فرنسا في الأسابيع القليلة الماضية، في إحداث شرخ جديد في العلاقات الثنائية بين الجزائر وباريس، في الوقت الذي كان يعتقد الجميع أن البلدين يخطوان نحو علاقات ودية متينة على إثر الزيارة التي كان قد قام به الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الجزائر قبل “عملية التهريب” بشهور قليلة.
وأدى وقوف المخابرات الفرنسية وراء تهريب الناشطة الحقوقية والصحافية أميرة بوراوي ذات الأصل الجزائري والمالكة للجنسية الفرنسية، في إعادة العلاقات بين البلدين إلى نقطة الصفر، خاصة أن بوراوي كانت تُتابع في الجزائر قضائيا، وبالتالي تهريبها من طرف فرنسا كان بمثابة إذلال للسلطات الجزائرية وأجهزتها الأمنية والقضائية.
وعلى إثر ذلك، أعربت الجزائر عن غضبها الشديد مما أقدمت عليه فرنسا في هذه القضية، وسحبت سفيرها من باريس للتشاور على الفور، لتدخل العلاقات في أزمة ديبلوماسية جديدة لا تظهر بأنها ستنتهي قريبا، خاصة أن باريس لم تُعرب عن أي نية للتعاون في هذه القضية مع الجزائر أو إعادة بوراوي إلى مسقط رأسها.
وقد ظهر هذا بشكل واضح في التصريح الذي أدلى به الرئيس الفرنسي بداية الأسبوع الماضي، عندما سُئل عن بوراوي حيث قال بأن هناك “أشياء كثيرة قيلت بعد عودة فرونكو – جزائرية إلى فرنسا عبر تونس، وما هو أكيد أن أناسا كثيرين لديهم مصلحة أن ما نقوم به مع الجزائر منذ عدة سنوات يكون مآله الفشل”.
وأضاف ماكرون في ذات السياق “رسالتي واضحة، سأواصل العمل الذي شرعنا فيه، فليست هذه المرة الأولى التي أتلقى فيها ضربة، سنواصل العمل الذي قمنا به منذ عدة سنوات حول ملف الذاكرة وغيرها، نريد تحقيق طموحات شبابنا، قمنا بعمل كبير في ملف الاقتصاد والتعاون العسكري، فلأول مرة منذ 1962 تم عقد اجتماع بين رئيسي البلدين بحضور وزيري الدفاع وقائدي الجيشين، ولأول مرة منذ 1962 قام قائد أركان الجيش الجزائري بزيارة لفرنسا وهذه مؤشرات هامة”.
وأنهى ماكرون حديثه بشأن هذه القضية دون أن يُعطي أي مؤشرات على حل أزمة بوراوي مع الجزائر، واكتفى بالقول، “أنا متيقن من صداقة وإرادة وانخراط الرئيس الجزائري السيد عبد المجيد تبون، ومتأكد أننا سنواصل تسجيل تقدم في علاقات بلدينا”، الأمر الذي جعل الجزائر لا ترد بأي شيء حول ما صرح به ماكرون.
ويرى متتبعون إن قضية بوراوي تُشبه إلى حد ما قضية استقبال إسبانيا بشكل سري في سنة 2021 زعيم “البوليساريو” إبراهيم غالي باسم مستعار هو “ابن بطوش”، لتلقي العلاجات من إصابته بفيروس كورونا، قبل أن تتمكن المخابرات المغربية من اكتشاف عملية الاستقبال السرية، فأدي ذلك إلى حدوث أزمة بين الرباط ومدريد، انتهت بإعلان الأخيرة دعمها لمقترح الحكم الذاتي المغربي للصحراء لإنهاء الأزمة الحادة مع المملكة المغربية.
ويبدو سيناريو الأزمة بين الجزائر وفرنسا في قضية بوراوي يحمل بعض التشابه، مع قضية “ابن بطوش” بين المغرب وإسبانيا، غير أن الخلاف الوحيد هو أن فرنسا لا تبدو راغبة في تقديم أي تعاون للجزائر في قضية أميرة بوراوي، الأمر الذي قد يُشكل بداية لأزمة طويلة الأمد بين الطرفين.
ومن السيناريوهات الممكنة الحدوث حسب العديد من القراءات السياسية، هو توجه باريس لاتخاذ قرار لتخفيف أضرارعلاقاتها المتأزمة مع الجزائر والرباط حاليا، بالميل نحو المغرب وإعلان دعمها لمقترح الحكم الذاتي المغرب للصحراء، خاصة في حالة إذا رفضت الجزائر تجاوز هذه الأزمة الجديدة وأصرّت على الاستمرار فيها.
ولا يبدو هذا الأمر مستبعدا، خاصة أن سيناريو مشابه قد حدث بالفعل، ويتعلق الأمر بحالة إسبانيا، التي اضطرت إلى الميل بشكل كلي نحو المغرب بعدما قررت الجزائر قطع علاقاتها الديبلوماسية والاقتصادية مع مدريد عقب إعلان الأخيرة دعمها لمقترح الحكم الذاتي المغربي، ورفضت أي تفاوض مع إسبانيا في حالة إذا لم تتراجع عن قرارها.