24 ساعة
تحت الاضواء الكاشفة
أراء وكتاب
بانوراما
قيس سعيد يُعاني من اضطراب “النظم القلبي” ويرقد منذ أسبوع في حالة حرجة بقسم الانعاش بمستشفى عَسكري.. وتونس تعيش فراغا “قاتلا” في السلطة
تَواصُل غِياب رئيس الجمهورية التونسية، قيس سعيّد، عن المشهد العام منذ أكثر من أسبوع، خلف عدة تساؤلات، خاصة في غياب أي ناطق رسمي أو ملحق إعلامي برئاسة الجمهورية، لتوضيح أسباب هذا الغياب، إذ كان آخر ظهور للرئيس سعيّد، في المشهد الاعلامي، يوم 22 مارس بمناسبة حلول شهر رمضان، حيث ألقى كلمة بهذه المناسبة إلى الشعب التونسي.
هذا، وتناقل عديد النشطاء السياسيين والاعلاميين والمثقفين، خبر مرض الرئيس سعيد، الذي يرقد منذ أيام في قسم الإنعاش في المستشفى العسكري، بالعاصمة التونسي، إثر تعرضه لأزمة قلبية حادة وضيق في التنفس.
إلى ذلك، رفض وزير الصحة، علي مرابط، الأحد 2 أبريل 2023، الإجابة عن سؤال وجّهه له الصحفيون، يتعلّق بما يروّج حول صحة رئيس الجمهورية قيس سعيّد، والتزم بالصمت رغم إلحاح الصحفيين.
وعلق أمين محفوظ أستاذ القانون الدستوري والعضو السابق في لجنة صياغة دستور 2022، على الأخبار المتداولة بشأن صحة الرئيس، مشيرا إلى أنه وفق الفصل 71 من دستور 17 غشت 2022، فإن “رئيس الجمهورية هو الضامن لاستقلال الوطن، وسلامة ترابه، ويضمن استمرارية الدولة”. مشيرا إلى أنه من حق الشعب أمام جسامة مسؤولية رئيس الجمهورية، الحصول على المعلومة وبدقة.
ودعا محفوظ، عبر تدوينة على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فايسبوك” إلى الحرص على تنظيم حالة الشغور في رئاسة الجمهورية، مضيف بالقول: “يسعى من يفكر في الدولة كمؤسسة إلى ضمان استمراريتها من خلال الحرص على تنظيم حالة الشغور، إن من يرى بالمقابل أن الدولة تتجسد في شخصية، لا يهمه استمرار الدولة فتكون حالة الشغور من آخر اهتماماته، وتحل الفوضي عند الشغور”.
حتى أن وزير الخارجية السابق، رفيق عبد السلام أشار في وقت سابق إلى أن رئيس الجمهورية مريض، ويوجد، حاليا، في المستشفى العسكري، وعاد مجددا للموضوع ليطالب بالكشف عن الحقيقة مؤكدا أنّ “كل إنسان معرض للمرض وقَدَر الموت، ولك سنة الله في خلقه، وقيس سعيد هو من طينة البشر وكبقية الخلق يسري عليه ما يسري علينا جميعا من صحة وسقم، ولا شماتة في المرض، ولكن المشكلة، كل المشكلة، حينما تدار الدولة بعقلية الدهاليز المظلمة والغرف المغلقة”.
وتساءل الخبير الأممي السابق، عبد الوهاب الهاني عبر تدوينة نشرها على صفحته “أين اختفى رئيس الجمهورية؟” وأضاف: “رئيس الجمهورية غائب منذ أسبوع كامل على غير عادته، وهناك سبات عميق لجهاز الإعلام الفيسبوكي الرئاسي، منذ نشر صور آخر نشاط رسمي علني لرئيس الجمهورية ليلة دخول شهر رمضان”.
في سياق متصل، عنونت صحيفة “لوموند أفريك” مقالها بتاريخ 2 أبريل بـ “الحالة الصحية المقلقة للرئيس التونسي قيس سعيد”، وتحدثت عن غياب الرئيس قيس سعيد عن الظهور منذ أيام، قائلة إن المشاكل الصحية الخطيرة للرئيس التونسي، الذي تم نقله إلى المستشفى لعدة أيام في العناية المركزة بالمستشفى العسكري في تونس العاصمة، هي ما تفسر غيابه عن الساحة العامة منذ 22 مارس”.
الصحيفة الفرنسية أضافت أن الصمت التام للسلطات على حالة الرئيس التونسي يخلق ضائقة حقيقية داخل المجتمع التونسي وبين الدبلوماسيين الأجانب، حيث تنتشر أكثر الشائعات إثارة للقلق على الشبكات الاجتماعية، بما في ذلك استقالة قيس سعيد لأسباب طبية، كما أن مثل هذا السيناريو، الذي لم يؤكده أي مصدر موثوق به حتى الآن، من شأنه أن يشكل مشكلة مؤسسية خطيرة.
ووفقًا للدستور الجديد الذي تم اعتماده في عام 2022، يجب أن تحدد المحكمة الدستورية التي تم التخطيط لإنشائها عدم قدرة الرئيس على أداء وظائفه، غير أن العائق لذلك يتمثل في أنه لم يتم تنصيبها بعد.
وبحسب معلومات لوموند أفريك، كان الرئيس التونسي ضحية لاضطرابات القلب الناجمة عن العلاجات الشديدة التي يتبعها لاضطرابات المزاج الشديدة والمتكررة.
وقبل أيام، أثارت وكالة “نوفا” الإيطالية، جدلًا حينما تحدثت عن “إلغاء” الرئيس سعيد، لقاءً مبرمجا مع المفوض الأوروبي للاقتصاد، باولو جينتيلوني، دون ذكر الأسباب. وفي وقت لاحق نشر المفوض الأوروبي جينتيلوني تغريدة له على تويتر يوم 27 مارس، أعلن فيها أنه أجرى لقاء مثمرا مع رئيس الجمهورية، وعدد آخر من الوزراء في الحكومة التونسية، لكن هذا الإعلان كان من طرف واحد، ولم يكن مرفوقا بأي صورة على غير العادة، حيث لم تنشر صفحة الرئاسة التونسية، أي خبر أو صورة عن اللقاء كما تقتضيه الأعراف الديبلوماسية.
كما قام وزير الخارجية التونسي، نبيل عمار ، باستلام نسخة من أوراق اعتماد السفير البرازيلي الجديد، فرناندو جوزيه دي أبرو، رغم أن البروتوكول يقتضي أن يقوم سعيد بهذه المهمة.
هذا، وطالب عديد النشطاء، بالكشف عن حقيقة الوضع الصحي للرئيس سعيد، مطالبين فيه الرئاسة بإصدار بلاغ تعلم فيه الرأي العام التونسي بالحقيقة، كما يجري في الدول التي تحترم شعوبها، متسائلين عن السبب وراء تكتم الجهات الرسمية عن الوضعية الصحية للرئيس، ومن يقف وراء هذا التعتيم الذي ترك المجال واسعا لعديد السيناريوهات، أمام غياب التفاعل الرسمي من مؤسسات الدولة، لوضع حد للمخاوف والتوقعات، خاصة أمام غياب محكمة دستورية تجنب البلاد الفوضى والصراع حول الخلافة داخل المنظومة في حالة الشغور الدائم.