24 ساعة
تحت الاضواء الكاشفة
أراء وكتاب
بانوراما
“الكلمة المسموعة” للمغرب توصل “مساعدات غزة” عبر طريق بري غير مسبوق
أثبت المغرب من خلال قدرته على نقل مساعدته الإنسانية عبر طريق بري غير مسبوق وإيصالها مباشرة إلى السكان المستفيدين في قطاع غزة المحاصر، “كلمته المسموعة” في الشرق الأوسط، وكذلك دوره الاستراتيجي الذي يمكن أن يلعبه في ملف السلام بمنطقة “مينا” عامة، وفي الشرق الأوسط تحديدا، من خلال تقريب وجهات النظر بين المتصارعين مع التمسك بالمبادئ المؤطرة للسياسة الخارجية المغربية.
ومنذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في الثامن من أكتوبر الماضي، تعد المملكة أول بلد يقوم بهذه المبادرة، ما يكشف من جهة أخرى أن استخدام المغرب لممر بري غير مسبوق، حسب بلاغ وزارة الخارجية، يمكن النظر إليه أيضا من جانب إدراك صانع القرار السياسي المغربي عدم فعالية الإسقاط الجوي للمساعدات الذي يظل غير كاف ووسيلة غير ناجعة بسبب عشوائيته وفي غياب تنسيق محكم على الأرض في نقاط محددة لدعم الفئات الأكثر هشاشة والأكثر احتياجا للمساعدات، وفق متتبعين.
“مسؤولية وكلمة مسموعة”
البراق شادي عبد السلام، خبير دولي في إدارة الأزمات وتحليل الصراع وتدبير المخاطر، قال إن “استخدام ممر بري غير مسبوق يبرز فعليّا الدور المحوري للمملكة المغربية تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس في دعم القضايا العادلة في الملف الفلسطيني عن طريق البحث بشكل استعجالي على حلول فعالة وناجعة للأزمة الإنسانية التي يعيشها سكان القطاع منذ شهور”.
واعتبر البراق، أن “الدخول برا في ظل الظروف الميدانية والعسكرية التي يعيشها القطاع، يكشف عن دبلوماسية فعالة وموقف إقليمي رصين”، مشيرا إلى أن كون المملكة المغربية أول دولة عربية تقوم بإدخال مساعدات برية إلى القطاع، “يبرز بشكل جلي دورها المركزي في نصرة القضايا العادلة في الملف الفلسطيني والحفاظ عن المقدسات الإسلامية في القدس الشريف ودعم جهود تحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط في إطار الالتزام الكامل”.
ولفت المتحدث إلى أن هذه “مواقف ثابتة ورسالة واضحة إلى الداخل والخارج بأن المغرب ينتهج ديبلوماسية الوضوح والشفافية والدفاع عن المصالح القومية العليا وفق مبدأ احترام حقوق الآخرين، بشكل ينزع صفة الوكيل التجاري لبعض الكيانات والأنظمة والتنظيمات والجماعات والأحزاب التي جعلت من القضية الفلسطينية أصلا تجاريا لاستخدامه وقت الحاجة لخدمة مصالح جيو-سياسوية وانتخابوية ضيقة، حيث يترجم هذا الموقف الثابت الشعور الجماعي للشعب المغربي”.
وتابع شارحا أن “شحنة المساعدات الإنسانية من المغرب بأوامر من الملك محمد السادس، تعبر بشكل جلي على الإدراك العميق لصانع القرار السياسي في المغرب لخطورة الوضع الإنساني الذي يعيشه قطاع غزة جراء الحصار الإسرائيلي وتصاعد المواجهات العسكرية التي أدت إلى تداعيات كارثية”، مشيراً إلى “تحمل المغرب مسؤوليّته التاريخية والأخلاقيّة في دعم الشعب الفلسطيني ونضاله من أجل انتزاع حقوقه”.
“احترام من كل الأطراف”
سعيد بركنان، محلل سياسي، قال إن “قدرة المغرب على إدخال المواد الغذائية والمساعدات الضرورية عبر معبر بري، تمثل دليلا قاطعا على أن ثقة الطرف الفلسطيني وأيضا الإسرائيلي في المملكة المغربية قوية، وهذا مؤشر على أن الدور الذي يلعبه المغرب الآن في إيقاف هذه الحرب كذلك سيعطي أكله عما قريب”، مؤكدا أن “موقف المغرب الدائم من هذا الصراع هو الذي يعطيه هذه القوة، لأن موقفه كان مبنيا على الصدق والشفافية والرغبة الحقيقية في إنهاء هذا النزاع بشكل نهائي”.
وأوضح بركنان أن “رؤية المغرب لإيقاف الحرب كانت واضحة، توجه من خلالها إلى الطرف الإسرائيلي والطرف الفلسطيني”، مبرزا أنه “توجه إلى الجانب الإسرائيلي بضرورة إيقاف الحرب على غزة من أجل البدء في مفاوضات وتسوية الوضع بشكل كلي في إطار حل الدولتين بشكل متفق عليه دوليا”، و”توجه أيضا إلى الجانب الفلسطيني في لقاء وزراء الخارجية العرب الذي انعقد مباشرة بعد اندلاع الحرب على غزة، حين ألح على أن على الأطراف الفلسطينية تقوية المسار التفاوضي، والاتحاد على كلمة واحدة من أجل حل هذا النزاع”.
وشدد المتحدث على أن “الرباط تحظى بثقة كبيرة إقليميا ودوليا نظرا لجهودها في حفظ السلام والأمن الدوليين، ومن هذه المنطلقات الأساسية كان المغرب يقف دائما موقف الحياد، على الرغم من الميل الموضوعي إلى حق الفلسطينيين في الأمن والسلام والاستقرار وحقهم التاريخي في الأرض”، مضيفا أن “الحفاظ على حقوقهم أولوية حيوية بالنسبة للملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، الذي لم يتخل أبدا عنها حتى في أوج استئناف العلاقات الديبلوماسية مع الجانب الإسرائيلي”.