24 ساعة
تحت الاضواء الكاشفة
أراء وكتاب
بانوراما
أزمة اللحوم الحمراء بالجزائر تخلق طابورا جديدا.. ونظام العسكر يلجأ إلى حلول ترقيعية
ارتفعت أسعار اللحوم الحمراء بالجزائر، خلال شهر رمضان الجاري، بشكل صاروخي تعدى نسبة 160%، إذ قفزت أسعار لحوم الأغنام المحلية من 1800 دينار للكيلوغرام (135 درهم مغربي) قبل حلول رمضان إلى 2900 دينار (217,5 درهم مغربي). ووسط هذه الأزمة الجديدة في بلاد البترول والغاز والثروات الضخمة، وجد المواطنون أنفسهم أمام طابور جديد في سبيل الحصول على قطعة لحم، ينضاف إلى طوابير الحليب والزيت والقطاني…
كشف مصطفى الزبدي، رئيس منظمة حماية المستهلك بالجزائر، أن أسعار اللحوم الحمراء والبيضاء ارتفعت بشكل مهول خلال شهر رمضان. وذكر عبر حسابه على موقع فيسبوك أن سعر لحم الخروف يباع في مدينة عنابة بـ2900 دينار (217,5 درهم مغربي)، ولحم العجل بـ2600 دينار (195 درهم مغربي).
وأدى غلاء اللحوم الحمراء بالجزائر إلى إغراق الأسواق بلحوم الحمير والبغال، حيث يتم بيعها للمواطنين على أنها لحوم أبقار، بأسعار لا تقل عن 1200 دينار للكيلوغرام (90 درهم مغربي)، في وقت فشلت فيه السلطات الجزائرية في القضاء على مذابح سرية تزود الأسواق بلحوم وأحشاء الحمير والبغال.
وأثار خبر تداولته وسائل الإعلام الجزائرية، بحر الأسبوع الماضي، بشأن العثور على كميات ضخمة من لحوم الحمير كانت موجهة للاستهلاك خلال شهر رمضان، داخل مذبح سري ببلدية عيون الترك، غضب الجزائريين الذين استنكروا عبر مواقع التواصل الاجتماعي ما وصفوه بـ »الاستهتار بصحتهم »، واعتبروا هذه الواقعة المتكررة « وصمة عار على جبين حكام الجزائر الذين يتفرجون يوميا على مآسي الشعب رغم الثروات الخيالية التي تزخر بها بلادهم ».
وأشار الفاعل الجمعوي مصطفى الزبدي، الذي أدان الجريمة، إلى أن مكتب حماية المستهلك وإرشاده بولاية وهران، نصب نفسه كطرف مدني في القضية.
في خضم أزمة اللحوم الحمراء التي تنضاف إلى مآسي الشعب الجزائري، لجأت السلطات الحاكمة بالجزائر إلى حلول وصفت بالارتجالية والترقيعية، تمثلت في استيراد أعداد ضئيلة من رؤوس الأغنام والأبقار لسد الخصاص في هاته المادة الغذائية الأساسية في موائد الجزائريين.
ويبدو أن الجزائريين فقدوا ثقتهم في الحكام وما عادوا يصدقون كل خطاباتهم، إذ أثار وصول أول دفعة من اللحوم المستوردة، الأسبوع الماضي، شكوك الجزائريين حول جودة هاته اللحوم وسلامتها ومدى مطابقتها لشروط الذبح الإسلامي، ما أدى إلى الإحجام عن اقتنائها على الرغم من عرضها بأسعار وصفت بالمعقولة: 1180 دينار (88,5 درهم مغربي).
وأمام ما يشبه المقاطعة لهذه اللحوم المستوردة، اضطرت السلطات الجزائرية إلى تسخير بعض وسائل الإعلام الموالية لها من أجل تصوير «إقبال الجزائريين على شكل طوابير لاقتناء اللحوم المستوردة»، حيث ركزت الربورتاجات على دحض كل مخاوف الجزائريين بشأن هذه اللحوم، وبدا نظام الكابرانات من خلال هاته الربورتاجات كما لو أنه يستعطف المواطنين بسذاجة ليشتروا اللحوم المستوردة، دون أن يتحرج من ذكر كلمة « طوابير » التي مرغت وجه «القوة الضاربة» في الوحل.
من جانب آخر، اتهمت وزارة الزراعة المنتقدين الذين يشككون في جودة اللحوم بـ«ترويج الدعايات».
ويناقض قرار الجزائر استيراد 100 ألف طن من اللحوم الحمراء في رمضان سياسة سابقة تحظر استيراد هذا المنتوج. وكانت تهدف إلى زيادة دعم المنتجين المحليين، لكنها شهدت مقاومة شديدة إثر زيادة أسعار اللحوم المحلية.
وقال وزير التجارة الجزائري الطيب زيتوني في الأسبوع الماضي إن قرار الرئيس عبد المجيد تبون إعادة فتح التوريد يهدف إلى « دعم قدرة المواطنين العاديين على شراء اللحوم بسعر معقول وعدم الاضطرار إلى تحمل شروط الجزارين الجزائريين الذين يبيعون لحوم البقر المحلية بأسعار باهظة ».
بينما ظلت أعداد رؤوس الماشية في الجزائر متضاربة خلال السنوات الماضية، حيث يتم التصريح في كل مرة برقم لا يشبه سابقه، حيث تراوح ما بين 23 و29 مليون رأس. غير أن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون كشف أخيرا عن رقم جديد، إذ أعلن تبون أن الإحصاءات الدقيقة أظهرت توفر الجزائر على 19 مليون رأس من الأغنام، بعيدًا عن الأرقام السابقة المتضاربة.
وأبدى تبون استغرابه من هذا التضارب الواضح في الأرقام خلال السنوات السابقة، مشيرًا إلى « أهمية الإحصاءات الدقيقة في التخطيط والاستثمار وتنظيم الاستيراد بشكل فعّال ».