هل تدعم جبهة البوليساريو الانفصالية استقلال “جمهورية القبائل” عن الجزائر؟
بالتزامن مع إعلان “الحركة من أجل استقلال منطقة القبائل” (ماك)، وحكومة القبائل في المنفى (أنافاد) ميلاد “دولة القبائل”، عبر “نشطاء صحراويون” داعمون للطرح الانفصالي في الصحراء المغربية، على مواقع التواصل الاجتماعي، عن مباركتهم ومساندتهم لهذه الخطوة، بل دخلوا في مشادات كلامية مع بعض النشطاء الجزائريين الرافضين لاستقلال منطقة القبائل عن بلادهم، وهو ما يعيد إلى الواجهة خطر النزعة الانفصالية التي ترعاها وتغذيها الدولة الجزائرية، والتي لا تستند على أي أسس وأسباب موضوعية أو تاريخية، على الأمن القومي لدول المنطقة.
وفي هذا الصدد قال فرحات مهني، زعيم “الحركة من أجل استقلال منطقة القبائل بالجزائر” ورئيس حكومة القبائل المؤقتة في المنفى، إن “الجميع يعلم أن جبهة البوليساريو تستند على الدعم والقوة العسكرية للجزائر، وبالتالي فإن أي دعم منها لخطوتنا الأخيرة لا يمكن تصوره على الإطلاق، إذ لا يمكن للجزائر، بأي حال من الأحوال، أن تحاربنا بكل الوسائل وأن تدعمنا في الوقت نفسه”، مشيرا إلى أن “القبائل لا علم لها بأي رد فعل من البوليساريو على إعلان ولادة الدولة”.
وأضاف مهني، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، “إذا تم التعبير رسميا عن دعم البوليساريو لاستقلال القبائل، فإننا نطمئن أصدقاءنا المغاربة على تضامننا الثابت مع مملكتهم”، في إشارة إلى دعم القبائل لمغربية الصحراء، مسجلا في الوقت ذاته أن “الجزائريين يعانون من الديكتاتورية العسكرية التي أفسدت كل شيء، فحتى عناصر المعارضة السياسية داخل الجزائر أعضاؤها فقط دمى في يد النظام، وقد وُجدوا ليقولو نعم لأي شيء”.
وأشار إلى أن “اضطهاد النظام الجزائري للقبائل وللشعب القبائلي عنيف لدرجة أنه لا يضاهي ما تعاني منه البلاد بشكل عام”، داعيا الجزائريين إلى “دعم شعب القبائل في كفاحهم السلمي من أجل استقلالهم لأن هذا هو السبيل الذي سيحررهم بأنفسهم”.
من جهته، قال مصطفى سلمى ولد سيدي مولود، المسؤول العسكري السابق في جبهة البوليساريو، إن “أي صحراوي من الداعمين لأطروحة الانفصال في الصحراء لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يخالف المصالح الجزائرية، غير أن الخطير في هذا الأمر هو تنامي النزعات الانفصالية في المنطقة، وهو ما يشكل خطرا كبيرا على دولها”، مسجلا أن “الدخول في هذه الدوامة سيجعل من الصعب الخروج منها، حيث إن التسويق لفكرة انفصال القبائل ينطوي على خطورة على دول المنطقة، ثم إن المغرب لا يمكن أن ينخرط في مثل هذه الخطوات لأن الملك محمد السادس سبق له أن أكد أن ما يضر المغرب يضر الجزائر والعكس صحيح”.
وأوضح المتحدث ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس، أن “تقسيم الجزائر إلى دويلات سيؤثر على المغرب بدوره والمنطقة ككل، حيث سيشجع ذلك على ظهور المزيد من الحركات الانفصالية، وهذا الأمر تعيه المملكة المغربية جيدا، حيث إن إمارة المؤمنين هي مكسب سياسي للمغرب، فهي تتجاوز القومية والقطرية، ووعاء جامع للأقوام والأجناس”، مؤكدا في هذا الصدد أن “هذا المكسب يتناقض مع أي دعوة انفصالية في أي مكان”.
وخلص ولد سيدي مولود إلى أن “الجزائر لا تدعم البوليساريو من منطلقات مبدئية، فالقول بدعم الدولة الجزائرية لمبدأ تقرير الشعوب لمصيرها هو كلام موجه للتسويق الإعلامي فقط، وإلا لماذا لا تدعم مطالب الشعب الأزوادي”، مشيرا إلى أن “الأمر يتعلق بتنافس إقليمي بين المغرب والجزائر يستغل فيه موضوع الصحراء في هذا التنافس والصراع، وبالتالي فإن القضية هي قضية مصالح جيو- سياسية يتم تغليفها بشعارات براقة لقبولها من طرف الرأي العام”.