24 ساعة
تحت الاضواء الكاشفة
أراء وكتاب
بانوراما
الجنائية الدولية تلاحق حليف الكابرانات
أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال في حق زعيم تنظيم «نصرة الإسلام والمسلمين»، الفرع الإفريقي لتنظيم القاعدة في منطقة الساحل وغرب إفريقيا، والمقرب من المخابرات الجزائرية.
واعتبر القضاء الدولي أن إياد أغ غالي مطلوب بسبب ارتكابه لجرائم ضد الإنسانية، وجرائم حرب ارتكبت في مدينتي جلهوك وتمبكتو شمال مالي، بين سنتي 2012 و2013، إثر العثور على أكثر من 40 جنديا مقتولين، وأيديهم مقيدة.
كما يتهم غالي الذي يلقب بثعلب الساحل الإفريقي، ويوصف بأنه أخطر زعماء تنظيم القاعدة بإفريقيا، بالوقوف وراء عمليات اختطاف للعشرات من الرعايا الغربيين، والذين أطلق سراحهم مقابل دفع فديات ضخمة، ما جعله من أكثر الإرهابيين ملاحقة من قبل العديد من الدول وكذا القضاء الدولي.
وفي إفادته بخصوص هذه المذكرة، قال النائب العام للمحكمة الدولية، إن غالي يعد «قائدا بلا منازع، ويمتلك نفوذا كبيرا في المنطقة، وأنه ملاحق بتهم التعذيب والاضطهاد على أسس جنسية أو دينية والاحتجاز غير القانوني والاغتصاب والعنف الجنسي والأفعال اللاإنسانية والهجوم على المباني الدينية».
وخلف هذا الزعيم الإرهابي، تقف المخابرات الجزائرية، التي أكدت العديد من التقارير وجود تعاون تام بين الطرفين، حيث إن إياد أغ غالي كان قد اختفى عن الأنظار لحوالي سبع سنوات، قبل أن يعود فجأة للواجهة نهاية العام الماضي، بعد أن خرج في دجنبر 2023 بتسجيل صوتي مدته 22 دقيقة، تم بثه عبر مؤسسة «الزلاقة»، الذراع الإعلامية للقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.
وربطت عدد من التحليلات هذه العودة للوضع الجديد للمنطقة، بعد أن فقدت الجزائر قدرتها على التحرك في المنطقة، وخاصة بعد تغير ميزان القوى في منطقة الساحل، واندحار القوات الفرنسية، وحدوث انقلابات عسكرية في عدد من دول الجوار، والتي أصبحت تدين بالعداء للنظام العسكري في الجزائر.
وربطت عدد من المصادر إعادة استدعاء الإرهابي إياد أغ غالي للواجهة برغبة النظام العسكري في الجزائر استعماله في مواجهتها مع دول الجوار، خاصة مالي والنيجر، حيث أصبحت علاقة الكابرانات بهذه الدول متأزمة وتتجه نحو المزيد من التصعيد، في ظل التقارب الذي أبدته دول الساحل مع المغرب، ورغبتها الانخراط في مبادرة الأطلسي، التي أطلقها جلالة الملك.
وسبق أن رصدت تقارير إعلامية تحرك تنظيم إياد أغ غالي كلما كانت الجزائر بحاجة «لخدماته»، حيث سبق أن تم عقد لقاء بينه وبين نائب المدير العام للمخابرات الجزائرية شرق منطقة تينزاواتين، القريبة من الحدود الجزائرية المالية، سنة 2021، وذلك على خلفية بداية تزايد النزاع المسلح بمنطقة الساحل.
وتم ربط هذا اللقاء بحاجة النظام العسكري في الجزائر لخدمات حليفه الاستراتيجي إياد أغ غالي، والذي دخل الخدمة كزعيم تنظيم إرهابي، سنة 2011، حين تم تكليفه بتأسيس حركة أنصار الدين التي تطالب بتطبيق الشرعية الإسلامية وبحقوق سكان الأزواد، قبل أن تنتقل لمرحلة التنسيق مع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.
وكان موقع «ساحل أنتلجانس» قد نشر تفاصيل اللقاء الذي عقد بين نائب المخابرات الجزائرية وزعيم التنظيم الإرهابي، حيث كشف أن المسؤول الجزائري تعهد للزعيم الإرهابي بدعمه لتعزيز سيطرته على تنسيق حركات أزواد، وهو تحالف لجماعات متمردة في مالي منذ عام 2014.
وأضاف الموقع أن المتحاورين اتفقا على أنه لا ينبغي تقديم حل أو تنازل بشأن أزواد خارج الجزائر، وبدون موافقة أجهزة المخابرات والحكومة الجزائرية، وأن تبقى المنطقة تحت سلطة وسيطرة جماعته الإرهابية، من خلال ضمان الدعم الكامل للجزائر لإياد أغ غالي، لحمايته وحماية جماعته ورجاله.
ويأتي تحرك الجنائية الدولية بإعادة نشر مذكرة الاعتقال في حق إياد أغ غالي، لتأكيد عودة نشاط تنظيمه الإرهابي، فيما يرى فيها متتبعون رسالة للنظام العسكري، والذي يبدو أنه عاد للاستعانة بخدمات إياد أغ غالي في ظل الضربات المتلاحقة التي تلقاها في منطقة الساحل، بعد أن أصبحت كل دول الجوار، وعلى رأسها مالي، ترى في الجزائر دولة عدوة، خاصة بعد استقبال النظام العسكري لمعارضين تعتبرهم إرهابيين، وتعتبر بذلك الجزائر دولة راعية للإرهاب.