24 ساعة
تحت الاضواء الكاشفة
أراء وكتاب
بانوراما
عودة شكيب خليل أو نهاية رسم خارطة صناعة القرار بالجزائر
شكلت عودة وزير الطاقة الجزائري الأسبق شكيب خليل للجزائر بعد ثلاث سنوات من فراره للخارج إثر اتهامه بالتورط في قضايا فساد تهم شركة سوناطراك المؤسسة العمومية مفاجأة وطرحت تساؤلات عديدة حول قضية.
شكيب خليل أستقبل رسميا من طرف والي مدينة وهران قادما من العاصمة الفرنسية باريس، الأمر الذي شكل صدمة للجزائريين؛ كون الرجل ارتبط اسمه خلال السنوات الثلاث الأخيرة بفضيحة فساد سوناطراك، وهي إحدى أكبر قضايا الفساد التي عرفتها البلاد.
وكانت السلطات الجزائرية أصدرت في صيف 2013 مذكرة توقيف دولية بحقه في 2013، إثر اتهامه “بالفساد واستغلال السلطة والانتماء إلى شبكة إجرامية دولية”، وذلك بناء على نتائج تحقيقات فساد في شركة سوناطراك النفطية أجرتها مديرية الاستعلام والأمن ديارس بقيادة الجنرال توفيق المعروف بمحمد مدين الذي تم الإنقلاب عليه.
تلك المذكرة صدرت وقرروقف العمل بها وحل مديرية الشرطة القضائية التابعة للمخابرات التي تولت عملية التحقيق، كما أنهى مهام كل الضباط الذين كانت لهم صلة بالتحقيق ومحاكمة بعضهم بتهم ملفقة جنرال حسان وبن حديد وحل مصلحة الشرطة الاقتصادية التي كانت تابعة لجهاز الاستخبارات وإنهاء مهام مدير الأمن الداخلي ومدير مكافحة التجسس على مستوى جهاز الاستخبارات وتعين اللواء عثمان طرطاق “البشير” ابن ولاية سطيف، على رأس مؤسسة ضعيفة الصلاحيات وفاقدة التأثير بالنسبة لصناعة القرار الجزائري في الوقت الحالي.
شكيب خليل يرتبط بعلاقات قوية مع الرئيس بوتفليقة هو الأخر من مواليد وجدة1939 ودرس بها عمل والده خياطا لسنوات بعاصمة الشرق المغربي.
ويعد اتهام شكيب خليل في فضيحة الفساد موقعة حقيقية لصراع على سلطة بين طرفين الرجل قوي سعيد بوتفليقة وتيار يتشكل من مجموعة من شخصيات طامحة لسلطة.
العملية الإنتقالية السياسية السريعة في الجزائر الذي يشرف عليها سعيد بوتفليقة تمكنت من إحداث تغييرات كبيرة على مستوى المؤسسة الأمنية والعسكرية والسياسية وإعادة رسم خطوط القوى المؤثرة في النظام الجزائري وصناعة القرار بداخله وإبعاد عناصر تيار الأخر الذي يملك طموحات خوض غمار رئاسيات 2019 و تجميل صورة الوجوه الذي يود زرعها في محيط رئاسة كل هذه تعديلات يقف على تفاصيلها سعيد بوتفليقة كمهندس وأمر ورئيس الأركان قايد صالح كمشرف.
لبناء العناصر الأساسية في مثلث صناعة القرار، ويصب في اتجاه تقوية مؤسسة الرئاسة، لتصبح في واقع الأمر مؤسسة واحدة مؤثرة ،و رئاسة الأركان متحالفة معها وخاضعة لتوجهاتها.
جاءت التغييرات كذلك بقيادة جديدة للحرس الجمهوري، وكما تمت إحالة ثلاثة جنرالات من جهاز الدرك إلى التقاعد، وعدد من الضباط.
وترتبط التغييرات الجارية بالاحتمالات والسيناريوهات الممكنة لخلافة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة،وأن ما يحدث من هزات يؤكد أن ساعة الحسم اقتربت، خاصة مع عودة شكيب خليل ومحاولات سرية تتم لعزل مدير ديوان الرئاسة أحمد أويحيى ومحاصرته ، و تجميد نشاط الوزير الأول عبد المالك سلال، وهما الشخصيتان الذي كان من المنتظر منافسة سعيد بوتفليقة على كرسي الرئاسة .
كما تم تقوية جناح الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني عمار سعداني الذي دافع عن شكيب خليل، وإعتبر عودة الرجل جاءت بعد تعهد بوتفليقة بتثمين دور أطر الدولة ورد الاعتبار لها، وحمايتها من خلال إعفاء الأطر التي مارست المسؤولية من فعل التجريم.
كل الإحتمالات تدل أن رئاسة عمار سعداني للحكومة المقبلة أصبح قريبا و شكيب خليل سيعود لمنصبه وزيرا للطاقة، في خضم هذا صراع يبقى الشعب الجزائري يطرح أسئلة عديدة كيف يريدون أن يثق الشعب في حكام يغيرون إستراتجياتهم وفق مصالهم شخصية ؟
رئاسة الدولة سبق أن قالت للجزائريين إن شكيب خليل دمر الاقتصاد الوطني، وأسس مافيا عابرة للقارات، نفس الدولة تقول لهم إنه بريء وشريف وصاحب كفاءة وترجعه للجزائروتلمع صورته بتلفزيون النهار و الشروق و دزاير وتكرمه بزاويا المرزوقية بالجلفة .
الناس يريدون محاسبة شكيب خليل و يحاسبون من أتى بشكيب خليل إلى المسؤولية دون انتخابات ودون تفويض شعبي! ويستنكرون عملية “تبييض” ملف شكيب خليل.
البنية السياسية الجزائرية تعيش حالة ركود ووضع انتقالي مبههم ومعقد، عنوانه الأبرز: كيفية الانتقال من عهد عبد العزيز بوتفليقة إلى عهد سعيد بوتفليقة ،
تأتي التغييرات في المنظومة الجزائرية في سياق يعرف فيه جيرانها دينامية تؤدي إلى انبثاق نخب سياسية جديدة ودخول أجيال جديدة إلى السلطة. وتشير التطورات الأخيرة إلى أن سعيد بوتفليقة استكمل سيطرته على مصادر القرار في الدولة، بعد إخراج الاستخبارات من اللعبة السياسية وضمان تبعية قيادات رئاسة الأركان أصبح معه المشهد السياسي محسوم لصالحه و الأضلاع الثلاثة لصناعة القرار الجزائري باتت في يده .