24 ساعة
تحت الاضواء الكاشفة
أراء وكتاب
بانوراما
الديبلوماسية الجزائرية إلى أين ؟
وجه الكثيرون من السياسيين والإعلاميين إنتقادات واسعة إلى الإستراتيجية التي تدار بها الدبلوماسية الجزائرية ، التي بقيت وفية لسياساتها السابقة ولم تتغير أليات التعاطي الدبلوماسي في الجزائر مع عدد من القضايا والملفات الإقليمية والدولية، على الرغم من التغيرات التي عرفها العالم.
وتفسر بعض التحليلات هذا الإتجاه التقليدي للدبلوماسية الجزائرية بسيطرة المخابرات خاصة في مرحلة جنرال توفيق الذي أمسك بإحكام خيوط الجهاز الدبلوماسي،ورغم تداول أسماء عديدة أحمد طالب الإبراهيمي ، الأخضر الإبراهيمي ، بوعلام بسايح رضا مالك ، رمطان لعمامرة ، سعد دحلب ، سيد أحمد غزالي ، عبد العزيز بلخادم ، عبد العزيز بوتفليقة ، كريم بلقاسم ، محمد الأمين دباغين ، محمد الصديق بن يحيى ، محمد بجاوي ، محمد خميستي، مراد مدلسي ، يوسف يوسف.
شخصيات لم تترك بصماتها على حقيبة زارة الخارجية طبقت تعليمات فوقية و لم تكن مصالح الجزائر الحيوية هدفها بل كانت قضايا تهم الهاجس الأمني والبحث عن الزعامة الوهمية والإتجار بقضية لمدة خمسين سنة مما جعل أداء الدبلوماسي لهؤلاء الوززراء ضعيف لم يخدم مصالح دولة بل أثقل كاهل ميزانياتها بشراء ذمم دول وإحتضان قضية مفلسة بمصاريفها و خسائرها.
كما لم تزغ بعض مواقف الجزائر بشأن قضايا إقليمية ودولية، من التناقض السياسي الصارغ الذي لم يجد له تفسيرا في الواقع كيف لم تعترف بجمهورية كوسوفو المسلمة وتدافع بشراشة عن تقرير مصير دولة وهمية؟وتعترف بدولة تيمور الشرقية التي إنفصلت عن أندونسيا المسلمة.
وتساند ديكتاتوريات العالم العربي من القذافي إلى بشار الأسد يعطي ذلك إنطباعا على أن خط السير لسياسة الخارجية للجزائر لا يتصل فقط بالعقيدة الأمنية، التي تحكم في العادة السياسات الخارجية للجزائر، بفعل سطوة الاستخبارات على الجهاز الدبلوماسي، والرضوخ إلى قراراته وميزاجيته في كل حركة، لكنه يحيل بعدم قدرة الجزائر في استغلال الإمكانيات الاقتصادية في دبلوماسياته و تكييفها مع مصالحها.
من بين القضايا المثيرة للجدل في سياسة الجزائر الخارجية ، أنها لم تتفاعل مع القضايا الدولية الحساسة كالقضية الفلسطينية و ثورة الشعب التونسي والمصري و اليمني و الليبي ، بل ساندت الأنظمة ديكتاتورية ماديا وسياسيا.
أعطاب ديبلوماسية الجزائرية كثيرة أولها إهدار المال العام في دعم دولة الصحراوية الوهمية زيادة على عدم حضور وزراء خارجية في البرلمان بغرفتيه لمناقشة السياسة الخارجية للدولة ، وتقديم أجوبة لنواب.
إلى جانب فضائح مسابقات التوظيف التي تجريها الوزارة وغياب الإهتمام بالجالية الجزائرية في الخارج وتقديم الخدمات لها لإن الديبلوماسية الجزائرية لا تخدم إلا ملف واحد البوليزاريو يحس الجزائريون بشيء من البؤس في فشل الدبلوماسية الجزائرية لأنها لاتعبر عن أفكارهم ولا تخدم مصالحهم.
هناك سوء في تسيير السياسة الخارجية للبلاد نتيجة غياب استراتيجية محكمة وفق أطر علمية تدرس الواقع كما هو، لإنتاج سياسة خارجية متكاملة ، لم نرى الجزائر قوية في اقتصادها و ظروف الشعب بقية على حالها البطالة و الفقر و التهميش كيف لها أن تصبح قوة إقليمة تؤثر بسياستها الخارجية.
و لم تأتي بجديد تحمل قضية خاسرة مند سنوات تحاول إقناع المجتمع دولي بعدالتها حتى أصبحت أضحوكة وراهنت ديبلوماسياتها لأشخاص ليس لهم رؤى حول مستقبل البلاد ،لم نرى يوما وزير من وزراء خارجية الجزائر كتب حول موضوع مستقبل السياسة الخارجية للبلاد ، الخبرة وحدها لا تكفي في تسيير الشؤون الخارجية .
يجب على صناع السياسة الخارجية في البلاد أن يغيروا من اليات التعاطي مع قضايا دولية ، تمكن من لعب دور فاعل في الساحة السياسية،وتجنب الكثير من الأخطاء التي تتلخص فى إعتماد ديبلوماسية الجزائرية على رصيد تاريخي وأدوات كلاسيكية وفكر دبلوماسي تقليدي لم يعد يتماشى مع تطورات الواقع.
ورهن حقيبة الخارجية في ردهات المخابرات مع وجود نخبة متنفذة في مركز القرار السياسي والاقتصادي، لا تملك ثقافة وتكوين دولة، لهذا فهؤلاء لا يفهمون في الديبلوماسية وأهدافها أدورها ولا في الدفاع عن مصالح بلد بل يسوقون أكاديب يسمونها مبادئ وهم لا يؤمنون بها ، ويبيعون الوهم الدبلوماسي والسياسي بأموال الشعب.