طبيبة الأسنان رقية الدريوش الموظفة بالسجن المدني ببركان تروي قصة عزلها من مندوبية إدارة السجون
جاء قرار المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، إثر مجلس تأديبي، عزل طبيبة الأسنان رقية الدريوش الموظفة بالسجن المدني ببركان ، وهو القرار الذي جاء بعد عقوبات و تنبيهين متتاليين، ثم توقيفا لأربعة أشهر منذ غشت الماضي.
رقية الدريوش، بدأت مشوارها المهني بالمؤسسة السجنية ببركان، راكمت خلاله تجربة في العلاج تجاه السجناء تصفها بالمتميزة؛ بحيث “كنت أتعامل مع النزلاء بخلفية إنسانية وبضمير مهني دون كلل، حتى أني سجلت حصيلة قياسية في فحصهم وعلاجهم داخل مختلف سجون المملكة، ناهزت ثلث السجناء ما بين فبراير 2014 ومارس 2015″، موردة: “لبيت نداأت جمعيات العمل الإنساني والحقوقي خارج إطار زمن العمل وسط تقدير وتنويه”.
تضيف الموظفة الموقوفة عن العمل أنها حصلت على شهادات تقديرية وتنويه خاص من المندوب العام، وأنها كانت تلبي طلبات الإدارة المركزية في تنفيذ زيارات إلى عدد من السجون المحلية؛ من قبيل كلميم والقصر الكبير والحسيمة وخنيفرة والقنيطرة وسجون جهة وجدة ومراكش، مضيفة أنها تضطر، وفق روايتها، إلى التنقل مئات الكيلومترات “مستعينة بسيارتي الخاصة وسط الطرقات الخطرة، لأزور تلك السجون بهدف معالجة أكبر عدد من النزلاء الذين تعودوا على الانتظار طويلا لينعموا بمقابلة طبيب جراح للأسنان”.
وعبّرت الطبيبة عن صدمتها لتحريك مسطرة التنبيه في حقها في شهر مارس 2015، بطلب من إدارة المؤسسة السجنية حيث كانت تشتغل، و”ما زاد من صدمتي هو أني حرمت من الإطلاع على فحوى التنبيه ومبرراته قبل أن يتبين لي أن الأمر يتعلق بالتقصير والتماطل.. وهو طبعا ما أكذبه وأنفيه نفيا قاطعا”، قبل أن تتوصل بتنبيه ثان: “بعد أن وجهت رسالة إلى السيد المندوب العام، وبعد تجاهلها وجهت رسالة عبر البريد المضمون إلى الملك”.
رقية شددت على أن العقوبات التي طالتها من المندوبية تأتي في وقت “تقدمت فيه لمباراة الارتقاء في سلم المسؤولية بالترشح لمنصب رئيسة مصلحة بإدارة السجون، وكنت طموحة في المشاركة في بناء فعّال لمجتمعي؛ حيث كنت في طور تأسيس جمعية لمساندة نزلاء ونزيلات السجون”، موجهة رسالة عتاب إلى المندوب العام لإدارة السجون، محمد صالح التامك، بقولها: “لقد توصل بمراسلاتي ويعرف ملفي، لكنني أعاتبه لعدم منحي فرصة ليستمع لي، وأنا مستعدة بعد ذلك لأي عقوبة تصدر عنه”.
دخلت الرابطة العالمية للحقوق والحريات، التي يوجد مقرها بجنيف السويسرية ولها تمثيلية بالمغرب، على خط قضية الموظفة رقية؛ إذ قالت إن قرار العزل شابته “خروقات”، وفق تعبيرها، من قبيل: “عدم تبليغ قرار العزل للدكتورة التي علمت به بواسطة بلاغ صحافي للمندوبية العامة”، و”التشهير بالدكتورة رقية من خلال بلاغ صحافي صادر عن المندوبية يفتقد إلى المعطيات الصحيحة، ويحاول توجيه القضاء والتأثير عليه”، و”حرمانها من مقابلة المندوب العام والحيلولة دون وصول شكاياتها إليه عبر السلم الإداري”.
الرابطة العالمية للحقوق والحريات طالبت بفتح تحقيق نزيه ومحايد “لإنصاف الدكتورة وكشف كل الإختلالات الماسة بحقوق الموظفين التابعين للمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، واتخاذ المتعين في حق المتورطين”، ووضع آليات لضمان جودة أداء المجلس التأديبي خلال النظر في القضايا المحالة عليه، والقطع مع استعماله لتصفية الحسابات”.
وكانت المندوبية العامة لإدارة السجون قد أثارت ملف الموظفة رقية الدريوش، كاشفة أنها توبعت بتهم “التشهير برؤسائها المباشرين والإدلاء ببيانات إدارية خاطئة، من شأنها الإساءة إلى سمعة القطاع وصورته لدى العموم”، مع “الإدلاء بتصريحات وإحصائيات لوسائل الإعلام تخص بعض المؤسسات السجنية بدون ترخيص مسبق من الإدارة المركزية خلال فترة كانت موقوفة عن العمل”.
واعتبرت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، أن ملف رقية عرض على أنظار المجلس التأديبي المنعقد بتاريخ 29 دجنبر 2015، و”قدمت لها جميع الضمانات المخولة لها قانونا، بما في ذلك انتدابها محاميين لمؤازرتها خلال الجلسة الأولى، قبل أن يختارا الانسحاب خلال الجلسة الثانية؛ حيث قامت بالدفاع عن نفسها بواسطة أجوبة مكتوبة”.