24 ساعة
تحت الاضواء الكاشفة
أراء وكتاب
بانوراما
سياسة ورياضة
غلب المسؤولين عن أندية الكرة في بلادنا منشغلون بالهم السياسي، فهم يترددون على مقرات الأحزاب السياسية، بيتفقدوا أحوال الرعية الانتخابية، هناك يقومون بالتسخينات اللازمة استعدادا لدخول الاستحقاقات السياسية، ويخضعون للإحماءات الكافية للمشاركة في مباراة الرابع من شتنبر القادم المصيرية.
بعض سماسرة الكرة غيروا وجهتهم صوب السياسة، فأصبحوا بين عشية وضحاها خبراء انتخابات يكشفون عورات الخصوم ويلمعون صورة أولياء نعمتهم، أما أشباه السماسرة فشرعوا في حجز “الكراجات” المتخلى عنها، وتحويلها إلى مقرات أحزاب يعرض فيها المرشح خطة الاستيلاء على الأصوات ويوزع فيها وعودا تموت فور ولادتها. الرابح الأكبر من هذه المحطة الانتخابية هم أصحاب “الكارجات” لأنهم سيؤجرون محلاتهم لأهل السياسة وحين تضع الحرب الانتخابية أوزارها تتحول المقرات إلى دكاكين لبيع أكباش العيد، في تعايش هجين بين السياسيين والرياضيين والخرفان.
تعلم جامعة كرة القدم أن عددا كبيرا من مسؤولي الأندية مسكونون بالسياسة، ويعلم قياديو الأحزاب أن القائمين على شأن الكرة يتعاطون للانتخابات بنفس النهم الذي يقترفون فيه التدبير الرياضي، حيث يترددون على الدكاكين السياسية كلما حل موسم حصاد الأصوات فيوزعون الزاد والكلأ على كائنات تدعي القدرة على هندسة الخريطة الانتخابية. لكن المكتب التنفيذي للجامعة لم يمنع الدوريات الودية التي تنبعث منها رائحة السياسة، ولم يؤجل دفع المساعدات المالية للفرق، ولم يكتب دورية يحذر فيها من استغلال الكرة لاستقطاب الأصوات، ولم يحدد نواقض الانتخابات لأن أغلب أعضائه “فاعلون” و”مفعولون” سياسيون.
حين شعر عبد العزيز الرباح بخطورة المد الرياضي، دعا في تدوينته الشهيرة، ضمنيا، أنصار الوداد والرجاء لعدم المشاركة في الاستحقاقات الانتخابات، وقال إن متعة الجماهير في ملاعب الكرة وليس في مقرات التصويت، ضدا على الوصلات الإشهارية التي تقوم بها الحكومة وترصد لها غلافا ماليا دسما من أجل مكافحة العزوف الانتخابي في صفوف الشباب. لكن الرباح لا يتردد في استغلال الشعبية الجارفة للنادي القنيطري من أجل ربح نقط في مباراة الرابع من شتنبر، واضعا يمناه على “الكاك” ويسراه على صنبور الدعم، فتحول الفريق إلى معقل من معاقل البيجيدي.
في خنيفرة، كان الهاجس الانتخابي حاضرا في تعيين الطاقم الطبي، فقد اضطر رئيس الفريق “الحركي” الانتماء إلى إعفاء معالج طبيعي لا منتمي، وإعادة مدلك يملك قاعدة انتخابية في المدينة إلى دكة بدلاء شباب أطلس خنيفرة، في مشهد أثار سخرية اللاعبين.
ولأن المبدأ العام في السياسة يقول: “لا خصومة دائمة ولا ود دائم”، فقد وضع رئيس الوداد يده في يد طبيب الرجاء، وتعاهدا على تفعيل مذكرة التفاهم التي أعدمت في مباراة ديربي، وانضما سويا إلى لائحة انتخابية واحدة تجمع فيها ما تشتت في مواقع التواصل الاجتماعي، غير مبالين بـ”نداء البوصيري”، الذي حذر فيه مستشار رئيس الرجاء الفصائل الرجاوية من التصويت للباميين، وهو النداء الذي تبرأ منه محمد بودريقة معتبرا مستشاره في حالة شرود.
لم يرافق أشرف أبرون فريق المغرب التطواني إلى السودان، وظل مرابطا في مقر حزب الاستقلال في تطوان، يخطط لإعادة حزب شباط إلى الواجهة السياسية بالمدينة، وحين فاز الفريق في أم درمان تحول المقر إلى قطعة من ملعب سانية الرمل، اختلط فيه نشيد “مغرب تطوان” الذي تردده الفصائل المشجعة من المدرجات، بنشيد الاستقلاليين “مغربنا وطننا روحي فداه..ومن يدس حقوقه يدق رداه”.
قبل عقود، كانت لفرق الكرة ألوانها السياسية التي لا تفسد للعبة قضية، داخل وداد ما بعد الاستقلال تعايش الاستقلايون مع الشوريين، وجلسوا جنبا إلى جنب في المدرجات، بعيدا عن تطاحنات الفصيلين التي وصلت إلى حد التصفية الجسدية. وكان الرجاء ذراعا رياضيا للاتحاد المغربي للشغل، قبل أن يرتدي مسؤولوه اللون البرتقالي ويركبون حصانه، مرت الأيام فأصيب المسؤولون بعمى الألوان، وغير الرؤساء وأتباعهم الألوان مع كل موسم انتخابي كما يغير لاعبوهم قمصانهم من مباراة لأخرى.