24 ساعة
تحت الاضواء الكاشفة
أراء وكتاب
بانوراما
مستشار رئيس النيجر: مبادرة الجزائر تُكرّس الانقلاب.. ومشروع أنبوب الغاز النيجيري الجزائري سيتأخر تنفيذه
منذ الانقلاب في دولة النيجر، جرت مياه كثيرة من تحت جسر العلاقات التي تجمع هذا البلد الإفريقي مع بقية دول العالم منذ الانقلاب على الرئيس محمد بازوم المحتجز رهن الإقامة الجبرية. فعلاقة النيجر بفرنسا وصلت إلى حد إعلان الرئيس الفرنسي ماكرون سحب قوات بلاده نهاية السنة الجارية من البلاد، في حين بقيت الإدارة الأمريكية حذرة في تعاطيها مع الوضع في البلد الغني باليورانيوم والموارد الطبيعية، هذا في الوقت الذي حاولت الجزائر أن تدخل على خط الأزمة لطرح مقترح للحل تبين أنه “مساند للانقلاب” وداعم لتقسيم السلط وفق رؤيتها للوضع في هذا البلد الإفريقي.
وفي حوار خاص مع “الصحيفة”، مع إنتنيكار الحسن المستشار السياسي الخاص لرئيس جمهورية النيجر محمد بازوم والرئيس الوطني للحزب النيجري للسلام والتنمية PNPD أكال كاسا، أكد الأخير العديد من المعطيات التي تخص بلاده مع المغرب بعد الإطاحة بالرئيس محمد بازوم، وكذا مستقبل أنبوب الغاز النيجيري الجزائري العابر لبلاده، وكذا، أسباب رفض المبادرة الجزائرية التي وصفها المستشار الخاص لرئيس النيجر بالمبادرة التي ” تكرس الانقلاب العسكري الغير شريع” في بالبلاد.
– هل يمكنك أن تعطينا لمحة عامة، حول الوضع الحالي في النيجر، عقب الإطاحة بالرئيس بازوم محمد على يد الجيش؟
الوضع الحالي في النيجر منذ أحداث الانقلاب العسكري على الرئيس الشرعي المنتخب محمد بازوم الذي شهدته البلاد في 26 يوليوز الماضي، مستقرة نوعا ما، بل ويسعنا القول إنها جامدة بشكل كبير أيضا، إذ أنها لم تتطور عندما يتعلق الأمر بمطالب المجتمع الدولي بشكل عام، وأود الإشارة أيضا إلى أن جميع الوساطات التي أطلقت في هذا الاتجاه قد فشلت عمليا.
– هل يمكنك أن تقدم لنا معلومات محدثة عن الوضع الصحي الحالي للرئيس محمد بازوم والظروف التي يعيش فيها الرئيس المعزول حاليا تحت الإقامة الجبرية؟
الحقيقة، وفيما يتعلق بوضع رئيس جمهورية النيجر محمد بازوم، فلا يسعنا إلا أن نفرح بعدم وجود معلومات جديدة حتى الآن حول تأزم حالته الصحية، أو تزايد الصعوبات التي يعيشها هو وعائلته قيد الإقامة الجبرية، فكما تعلمون، لقد احتجز رئيس جمهورية في مقر إقامته حيث لا يتمتع بحرية الحركة ولا التنقل، وبالتالي لا يسعنا إلا أن نستنكر هذا السجن الذي لا يليق به وبكل تضحياته واسمه، ونؤكد الحرية ليس لها ثمن.
– وهل هناك مؤشرات على تعرض الرئيس بازوم لضغوط أو إزعاج من المسلحين الذين وضعوه تحت الإقامة الجبرية؟
أكيد، رئيس الجمهورية، ومنذ اعتقاله وإلزامه بالإقامة الجبرية وحرمانه من التحرك، يلقى معاملة السجناء، لايزال محتجزا ومقيّدا ويتعرض لضغوطات كبيرة من أجل التوقيع إرغامه على توقيع الإستقالة من رئاسة البلد.
– في هذه الحالة، هل من الممكن أن يرضخ لهذه الضغوطات ويوقع على الاستقالة؟
الرئيس بازوم شجاع، بل شجاع جدا، ولن يرضخ ولن يوقع على خطاب الاستقالة لأنه ألزم نفسه أمام شعب صاحب سيادة، وأمام الله، بإعلاء إرادة الشعب والدستور وسيادة القانون والسيادات الشرعية التي يعينها التصويت وتنصيب الرئيس العظيم، واحتراما لهيئات الدولة ومؤسساتها.
أستطيع أن أؤكد لكم أنه لن يوقع على استقالته لأنه يتمتع بحس تاريخي بمسؤولياته، ولأنه وطني ومقتنع بالعمل وتحقيق تنمية النيجر الحرة والديمقراطية.
– ما هي أبرز التحديات التي تواجه جمهورية النيجر، في الوقت الراهن سياسياً واقتصادياً واجتماعياً؟
صحيح النيجر، أمام عدة تحديات وعلى كافة الأصعدة، فاقتصادياً، باتت تخسر النيجر عشرات المليارات يومياً، وبسبب انقطاع التيار الكهربائي، تفقد الإدارة أداءها. كما أنه، ومن الناحية الأمنية، فإن الخطر يكمن في زيادة الانحراف عن المسار الطبيعي، كنت قد تابعت حركة الشباب في الشهر في الماضي، ولاحظت أنّ هناك حالات اعتداءات جسدية واغتصاب وسرقة، أي أعمال تخريب بالجملة، وهو أمر غير مقبول في دولة القانون. وعلى المستوى الاجتماعي، نخشى تمزيق النسيج الاجتماعي مع الاتجاهين اللذين ظهرا، آخر للجنرال وآخر للسلطة الديمقراطية.
– كيف تقيمون تأثير هذه الأحداث على العلاقات الثنائية بين المغرب والنيجير؟ وهل تعتقد أن العلاقات ستتأثر على المدى الطويل بهذا الوضع السياسي في البلاد؟
أستبعد أن يحدث تأثير على العلاقات بين النيجر سواء على المدى القصير أو الطويل.
– ما هي أولويات الحكومة الجديدة في النيجر على صعيد العلاقات الدولية، خاصة مع دول الجوار والشركاء الرئيسيين مثل المغرب؟
لا يمكن لأي بلد أن يحقق التطور الديمقراطي والتنموي المنشود إلا إذا حافظ على علاقات جيدة مع الدول التي تتمتع بقوة عاملة وجيدة، وقادرة على تقديم المساعدة، في إطار شراكة مربحة للجانبين، وهذه هي العقيدة الدبلوماسية لبلدنا التي نعتمدها كأولوية في تحديد شركائنا على الصعيد الدولي والقاري على غرار المغرب، كما أود الإشارة إلى أنه نحن دائما مع البلدان القادرة على تدريب قواتنا العسكرية.
– هل من الممكن أن يؤثر الوضع السياسي الحالي بالنيجر، سلبا على مستقبل مشروع خط أنابيب الغاز بين البلدين؟ أقصد هل من الممكن أن يتأخر إنجاز المشروع أو أن تُطرح أمامه عراقيل فنية ولوجستيكية؟
هذا أكيد، أعتقد أنّه التأثير السلبي الوحيد الممكن حاليا هو أنبوب الغاز النيجيري الجزائري العابر للنيجر، فالظروف الحالية التي تشهدها البلاد من المتوقع أن ترخي بظلالها على عقد خط هذا الأنبوب الذي قد يتأخر استكماله وتنفيذه، وفق البرنامج والجدول الزمني المسطر والمحدد سلفا.
– لا شك، على أنكم قد اطلعتهم على مقترحات وأهداف المبادرة الجزائرية الرامية إلى حل الأزمة في النيجر بعد الانقلاب الأخير، كيف تقيمون دور الجزائر المحتمل كوسيط في هذا الوضع الحرج، وهل تعتقدون أن ما طرحته يتوافق مع مصالح النيجر وأولوياتها في الوقت الراهن؟
مبادرة الجزائر لقيت ترحيبا في بادئ الأمر ومن منطلق مبدئي، خاصة وأن موقف الدولة الجزائرية كان رافضا لاستقبال وفد من الحكومة الانقلابية، وهنا أود الإشارة إلى أن هذه المبادرة نابعة من كون للجزائر مصالح عديدة في النيجر، كما أن للنيجر بدورها مصالح مع الجزائر.
وما حدث في الحقيقة، هي أن مبادرة الجزائر رُفضت بشكل مُطلق وغير قابل للنقاش من قبل المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، وهنا أود أن أقول لكم إن الجزائر فشلت في نهجها لأنها لم تسلك الطريق الصحيح، فالمنظور المستقبلي لبلدنا لا يمكن أن يكون إلا خلق حالة من الوحدة الوطنية للحكم الرشيد والعدالة، ومسألة المرحلة الانتقالية التي تضمّنتها هذه المبادرة، غير مطروحة بالأساس على طاولة النقاش، وبالتالي فإن قبولها يعني قبول الانقلاب العسكري غير الشرعي.