24 ساعة
تحت الاضواء الكاشفة
أراء وكتاب
بانوراما
المعهد الملكي البريطاني يحتضن ندوة دولية حول الصحراء بحضور دبلوماسيين ومسؤولين من وزارة الدفاع.. ويدعو لندن لاقتناص الفرصة ودعم مغربية الصحراء
تتصاعد في العقد الأخير، الأصوات المؤيدة من داخل المملكة المتحدة لخيار السير على منوال العديد من الدول العظمى الداعمة لمبادرة الحكم الذاتي والمؤيّدة لضرورة الحسم في نزاع الصحراء، إذ اتسعت الدعوات إلى خروج بريطانيا من المنطقة الرمادية وإعلان دعمها الصريح للمغرب في سيادته على صحرائه، لتشمل أيضا مركز المعهد الملكي للخدمات المتحدة (RUSI)، الذي أيّد الطرح المغربي داعيا الحكومة البريطانية إلى ضرورة اقتناص الفرصة المتاحة لتطورها وإصدار اعتراف رسمي في سياق وطني ودولي متغير.
ونظّم مركز الأبحاث البريطاني المرموق المعهد الملكي للخدمات المتحدة (RUSI)، بالتعاون مع السفارة المغربية في المملكة المتحدة ندوة دولية تحت شعار “حل النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية: منظور مغربي بريطاني”، حضره العديد من الخبراء والشخصيات البارزة بما فيها جيوسياسيين ودبلوماسيين أبرزوا جميعهم “الدور الأساسي” للمغرب في استقرار وأمن منطقة الساحل، انطلاقا من رؤية الملك محمد السادس، والمبادرة التي اقترحها شهر دجنبر الماضي.
وسلّط الحاضرون لهذا اللقاء الدولي الذي احتضنته العاصمة البريطانية نهاية الأسبوع الماضي على شاكلة مائدة مستديرة، الضوء على الجهود الملموسة التي بذلها المغرب لإنهاء نزاع الصحراء.
وترأس المائدة المستديرة البروفيسور مارك ويلر، أستاذ القانون الدولي والدراسات الدستورية بجامعة كامبريدج، والسير مارك ليال جرانت، مستشار الأمن القومي البريطاني السابق وممثل المملكة المتحدة السابق لدى الأمم المتحدة، وعن الجانب المغربي، مباركة بوعيدة، رئيسة جهة كلميم واد نون، وحسن حمي، الدبلوماسي والكاتب.
وتبادل المتحدثون وجهات نظر مختلفة حول النزاع المفتعل منذ عقود حول الصحراء المغربية، من خلال تغطية الجوانب القانونية والجيوسياسية والاقتصادية والتنموية، كما سلطوا الضوء على موقف الحكومة البريطانية والفرصة المتاحة أمامها لتطوير موقفها في سياق وطني ودولي متغير.
وخلال الاجتماع، سلط المتحدثون الضوء على الفرصة التي يتعين على المملكة المتحدة أن تقتنصها بالاعتراف رسميا بمغربية الصحراء والخروج من منطقة الحياد الرمادية، لتنضم للزخم الحالي للمجتمع الدولي، الذي يدعم على نطاق واسع مبادرة الحكم الذاتي المغربية باعتبارها الحل الوحيد الموثوق لحل هذا النزاع الإقليمي، وهو الحل الذي عبّرته عنه أيضا الحكومة الإسبانية منذ أبريل 2022.
من جهة ثانية، أعرب الخبراء الدوليون عن قلقهم العميق إزاء الوضع الإنساني المقلق في مخيمات تندوف (الجزائر)، حيث حذروا من استغلال الوضع الراهن لنشر التطرف والإرهاب في المنطقة، سيما وأن الأجواء والظروف باتت خصبة لمزيد من محاولات التسيب الأمني والتطرف.
كما فتحت فرصة الندوة الدولية البريطانية،النقاش حول تنمية الأقاليم الجنوبية وتنفيذ الجهوية المتقدمة، ومكّنت المشاركين بها من التعرف على التقدم الملموس الذي يحققه المغرب على أرض الواقع، وذلك بمشاركة حوالي عشرين مشاركًا رفيع المستوى، بما في ذلك مسؤولون من وزارة الخارجية البريطانية ووزارة الدفاع، ووزراء ودبلوماسيون بريطانيون سابقون، بالإضافة إلى خبراء وباحثين في الجغرافيا السياسية والدفاع.
وفي السنوات الأخيرة، اتسعت رقعة الدعوات إلى خروج بريطانيا من المنطقة الرمادية وإعلان دعم المغرب في سيادته على الصحراء لتشمل البرلمان البريطاني أيضا، بعدما عبّر نواب عن تأييدهم لمخطط الحكم الذاتي المغربي لتسوية النزاع المفتعل حول الصحراء بوصفه “الخيار الأفضل” لمستقبل المنطقة.
وكان النائب البرلماني المحافظ، دانييل كاوتشينسكي، قد بادر لفتح هذا النقاش، وهو يشير في جلسة عمومية ماي الماضي إلى أن العديد من حلفاء المملكة المتحدة، من قبيل إسبانيا وفرنسا وهولندا وألمانيا، يقرون بأن مخطط الحكم الذاتي المغربي هو “الخيار الأفضل لضمان مستقبل مزدهر للمنطقة”.، وأن المغرب “شريك استراتيجي موثوق، يتمتع بكل مقومات الديمقراطية الحديثة، ويمكننا، بل ويجب علينا أن نقيم معه علاقات تجارية وسياسية وأمنية قوية”.
وأشار البرلماني، إلى ما وصفه بـ”التقدم الملحوظ” الذي أحرزه المغرب فيما يتعلق بحقوق المرأة والحقوق الدينية، مشيدا بقيادة العاهل المغربي الملك محمد السادس ورؤيته، وكذلك للطريقة التي ينتهجها في الحوار بين الأديان في جميع أنحاء وطنه وفي أفريقيا.”
واعتبر كاوتشينسكي أن المغرب هو “ديمقراطية مزدهرة حقيقية”، ويتجلى ذلك في “ترسيخ سيادة القانون، مما يسمح بحرية التعبير دون أي قيود أو خوف من الملاحقة”، واصفا المغرب بأنه “ثاني أقدم حليف للمملكة المتحدة” و”شريك موثوق به”
من جانبه، أكد النائب المحافظ ليام فوكس أن “مخطط الحكم الذاتي هو الحل الوحيد الممكن والسبيل الوحيد لتحقيق التقدم لأولئك الذين يعيشون في المنطقة ويرغبون في رؤية ليس فقط الأمن والاستقرار، ولكن أيضا التنمية الاقتصادية والتقدم الديمقراطي”.
أما النائب العمالي فابيان هاميلتون، فشدّد من جانبه على أن “أحد أهم العوامل لحل أي صراع هو التنمية الاقتصادية وتقليص الفوارق بين الأغنياء والفقراء”، مسلطا الضوء على جهود المغرب لتنمية الأقاليم الجنوبية، موردا إنه اطلع بنفسه على آثار وثمار هذا التطور الاقتصادي على ساكنة الجهة، خلال زيارته للعيون، معتبرا أن “هذا ما نحتاجه لإنهاء النزاع”.
وبالنسبة إلى النائبة وعضو حكومة الظل لحزب العمال، لين براون، فإن “الوضع الراهن أضر بالمنطقة وبمصالح شمال أفريقيا”، مشيرة إلى الحاجة للجوء إلى “حلول إبداعية” من أجل دفع النزاع إلى الأمام، فيما أكد النائب المحافظ ووزير الدولة للشؤون الخارجية، ديفيد روتلي، على قدم الشراكة بين المملكة المتحدة والمغرب، والتي “تواصل نموها من خلال تعاون وثيق بشكل أكثر في مختلف المجالات الجديدة والحالية”، لافتا إلى أن “المغرب بلد مستقر وصديق ومهم في المنطقة، ويشهد إصلاحات اقتصادية واجتماعية واقتصادية إيجابية، بقيادة الملك محمد السادس، ونتطلع إلى مواصلة تطوير علاقاتنا ونحن مقتنعون بأن حل قضية الصحراء من شأنه أن يفتح إمكانات هائلة”
وتدعم المملكة المتحدة تدعم جهود الأمم المتحدة لإيجاد حل سياسي، وتعتبر أن عملية الأمم المتحدة هي أفضل وسيلة لتحقيق تسوية دائمة ومقبولة من الطرفين، لكنها لم تتمكن حتى الآن من الخروج من منطقة الحياد الإيجابي، إلى الموقف الصريح الذي ينهي هذا التردد وذلك على الرغم من الدعوات المتكررة والأصوات الداخلية العديدة المنادية بضرورة الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء.
من جهة ثانية، يوجد بالفعل تقارب بين البلدين، خصوصا بعد توقيع العديد من الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية بين الرباط ولندن عقب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، حيث تعول بريطانيا على المغرب في تعويض المبادلات التجارية مع الاتحاد الأوروبي والحصول على حاجياتها.
وقد أبدت بريطانيا رغبتها في الاستثمار بالأقاليم الجنوبية للمملكة، وكان آخرها إعلان شركة “أوبلين” البريطانية عزمها على الاستثمار في مشروع لإنتاج الهيدروجين بمدينة الداخلة، الحاضرة الجنوبية لأقاليم الصحراء المغربية.
وسبق أن اتخذت بريطانيا موقفا إيجابيا تجاه قضية الصحراء المغربية، بإصدار محكمة الاستئناف بلندن قرارا في ماي 2022 يقضي برفض طلب استئناف تقدمت به منظمات غير حكومية داعمة لبوليساريو من أجل إبطال اتفاق الشراكة الذي يربط المغرب ببريطانيا بتاريخ الثلاثين من دجنبر من عام 2020، فيما يرى مراقبون أن قرار المحكمة البريطانية يحظى بأهمية قصوى، قضائية وسياسية إذ يعدم أي مزاعم لبوليساريو بالتمثيلية والصفة والمصلحة.