24 ساعة
تحت الاضواء الكاشفة
أراء وكتاب
بانوراما
سميرة سطايل ل‘‘أوروبا 1‘‘: لماذا لم تستدع الجزائر سفيرها في واشنطن بعد اعتراف أمريكا بمغربية الصحراء ؟
أجرت القناة الإذاعية ‘‘أوروبا 1‘‘ حوارا مع سفيرة المغرب في فرنسا سميرة سطايل، بث على القناة الإخبارية الفرنسية ذائعة الصيت ‘‘سي نيوز‘‘ صبيحة اليوم الجمعة، وعادت فيه السفيرة المغربية إلى المنعطف الحاسم المتمثل في دعم فرنسا لمخطط الحكم الذاتي وطبيعة الصراع في الصحراء وجذوره التاريخية، طبيعة العلاقات بين المغرب واسرائيل والفلسطينيين، والعلاقات بين المغرب وفرنسا ومشاكل الهجرة والإرهاب في المنطقة.
اوروبا 1 : صراع الصحراء صراع طويل.. كيف يمكنكم تلخيصه للمشاهدين والمستعمين؟
سميرة سيطايل : يجب التذكير بأن الصحراء وقبل أن تستعمرها اسبانيا لمدة 91 سنة وقبل أن تغادرها في العام 1975، هذه الأرض كانت مغربية وتشكل جزءا من المملكة الشريفة وهو ما تؤكده الكتابات التاريخية التي وثقت للعلاقات القديمة جدا بين قبائل المنطقة والسلطان المغربي.
اوروبا 1 : بعد ذلك تحولت المنطقة إلى أرض متنازع عليها.. وظهرت جبهة البوليساريو التي تطالب بها
سميرة سطايل : إنها ميليشيا مسلحة أنشأها الدكتاتور الليبي معمر القذافي سنة 1973 في ظرفية تاريخية اتسمت بالحرب الباردة حيث كانت الموضة آنذاك هي محاربة أي نظام ملكي يوجد في المنطقة. بعد القذافي ستأخذ الجزائر المبادرة في مساندة الطرف الانفصالي ابتداء من العام 1975 من أجل تمويل وتسليح هذه الميليشيا تماما كما يفعل أي محرك للكراكيز، والدفع بها في كل الاتجاهات لضرب مصالح المغرب.
أوروبا 1 : سنعود للدور الجزائري في هذا الملف.. هناك تلك الفقرة في خطاب الرئيس ماكرون الموجهة للملك محمد السادس والتي تتكلم بوضوح عن دعم فرنسا لمخطط الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب منذ العام 2007
سميرة سطايل : هذا المخطط يمنح لسكان الأقاليم الجنوبية حكما ذاتيا موسعا، ولسكان الصحراء الحق في اختيار ممثليهم أي أنها تمنح لهم حرية القرار على أراضيهم في إطار الجهوية الموسعة التي تضم 12 جهة مغربية، وهو الواقع على الأرض الآن حيث يمارس هؤلاء السكان هذا الحق منذ زمن بعيد
أوروبا 1 : هذا ما سيسمح للمغرب دائما بممارسة حقه في الوصاية على القضايا السيادية
سميرة سطايل : طبعا وسيتمكن سكان هذه الجهة من ممارسة حريتهم في اتخاد القرارات في كل ما يتعلق بالقضايا الداخلية وهنا مكمن القوة في مخطط الحكم الذاتي . يجب التذكير هنا أن القرارات ال23 الأخيرة للأمم المتحدة، اعتبرت كلها أن مخطط الحكم الذاتي في الصحراء ذو مصداقية وجدي لإيجاد حل نهائي لهذا الملف. لسنوات عديدة جربنا فرضية الحل من خلال الاستفتاء، لكننا كل الأطراف لم تتوصل إلى اتفاق حول آلية تنفيذ هذا الاستفتاء بالنظر للخلافات الجوهرية حول طبيعة الكتلة الانتخابية. خصوم المغرب أقحموا عناصر من أصول عرقية وجنسيات مختلفة لا علاقة لها البتة بقبائل الصحراء، وهو ما قوض أية فرصة لتحديد هوية من يستحق المشاركة في هذا الاستفتاء. يجب التذكير هنا ايضا أن الأمم المتحدة توصلت بدورها إلى هذه القناعة من خلال المبعوث الشخصي لأمينها العام، فان فالستروم، الذي توصل إلى نفس الخلاصىة العام 2008 وأكد استحالة إجراء الاستفتاء.
من هنا يمكن اعتبار مخطط الحكم الذاتي هو الجواب الأكثر عقلانية على هذه الاستحالة.
أوروبا 1 : هذا ما ينقلنا الأن للحديث عن دور الجزائر. بعد رسالة ماكرون، الخارجية الجزائرية استدعت سفيرها وقالت في بيان أن قرار فرنسا يساند الطبيعة الاستعمارية لهذا الملف..
سميرة سطايل : دعني أجيبك بسؤال. لماذا لم تسحب الجزائر سفيرها من واشنطن بعد إعلان أمريكا دعمها المطلق لسيادة المغرب على صحراءه ؟ .. سأكتفي بهذا السؤال.
أوروبا 1 : أمريكا اعترفت بسيادة المغرب على الصحراء سنة 2020.. هل أثرت مشاركة المغرب في اتفاقيات أبراهام مع اسرائيل في القرار الأمريكي ؟ وأين وصلت عملية التطبيع مع الدولة العبرية ؟
سميرة سطايل : أولا يجب التوضيح أن اعتراف أمريكا واسرائيل بسيادة المغرب على صحراءه لا علاقة له باتفاقيات ابراهام إطلاقا. المغرب فتح قنوات الاتصال بالدولة العبرية منذ عقود، ثم جمدها بعد الانتفاضة، والأن عادت من جديد بعد تغير المعطيات الدولية. يجب أن تعلم أن للمغرب علاقة خاصة بدولة اسرائيل، فأزيد من عشر سكان اسرائيل هم من أصول مغربية وعليه فالرابط الذي يجمعنا هو رابط إنساني وهوياتي ولا نستمده من اتفاق أبرم بين دولتين.
على الأرض ما يقوم به المغرب لفائدة الفلسطينيين كبير جدا. أن تمكن الفلسطينيين من الولوج للخدمات الطبية والإنسانية الأساسية في أول يوم من رمضان، وفي ظرفية صعبة جدا يعكس هذا الجهد. نحن الدولة الوحيدة التي سمحت لها اسرائيل بإيصال المساعدات عن طريق البر في الوقت الذي منعت فيه قوى كبرى ومن بينها أمريكا من القيام بالشيء نفسه عبر الطرق البرية. قبل أسابيع أرسل المغرب أيضا مساعدات ثانية عبر نفس الآلية (الطريق البرية). نتفرد أيضا بعلاقات خاصة مع الفلسطينيين ونظن أن حل الدولتين هو الأنسب لإحلال السلام في المنطقة مثل عدة دول في العالم من بينها فرنسا تحديدا شريكنا الأساسي. نعتقد أن حقوق الفلسطينيين لا يمكن محوها بجرة قلم، وفي نفس الوقت نرى أننا شريك موثوق من الطرفين عند الجلوس على طاولة المفاوضات حين سيستلزم الأمر ذلك.
أوروبا 1 : عرفت العلاقت الفرنسية المغربية فترات توتر خلال السنوات الأخيرة.. هل يمكن القول أن الأمور صارت أفضل الآن؟
سميرة سطايل : إذا كنت تقصد قضية التجسس، لا بد أن نتذكر أن الجهات التي افتعلت هذا المشكل، مجموعة صحفيين منتمين ل‘‘فوربيدن ستوريز‘‘ و منظمة ‘‘امنستي انترناسيونال‘‘ لم ينجحوا في أية مناسبة في تقديم دلال ثابتة على امتلاك المغرب لتكنولوجيا التجسس المسماة ‘‘بيغاسوس‘‘ وهو ما أظهرته أيضا التحقيقات الخاصة في هذا الملف.. لذلك يمكن أن نقول العلاقات صارت أفضل وأن ما حصل صار وراءنا اليوم. العلاقة بين فرنسا والمغرب هي صداقة حقيقية وغير قابلة للتعويض مبنية على الأخوة والتاريخ وخصوصا على المصالح المشتركة لفائدة مستقبل البلدين معا.
أوروبا 1 : في نفس السياق أين وصل مشكل التأشيرات بين البلدين.. وكيف يمكن تقييم التعاون في الهجرة بين فرنسا والمغرب؟
سميرة سطايل : باستطاعتي التأكيد أنه قد تم طي هذه الصفحة نهائيا. اشتغل مع نظيري الفرنسي على حل العديد من الأمور العالقة ويمكن القول أننا نتفق في الكثير منها. ما يجب القيام به الآن هو تعزيز التعاون الأمني من أجل تفكيك شبكات تهجير البشر التي تنشط في جنوب وشرق أوروبا، وتبيع وهم الجنة الأوروبية لشرائح كبيرة من البشر تعاني في أوضاع اجتماعية وإنسانية صعبة. الأمر لا يقتصر على هذا، هناك أيضا مشكل الإرهاب الذي نتعامل معه بالكثير من الجدية في المغرب.. نحن هنا نتحدث عن موضوع بأبعاد أمنية شاملة ومتعددة، يتطلب تعاونا مبنى على اسس ثقة قوية بين المغرب وفرنسا.