تسجيل مُسرب لقيادي من جبهة البوليساريو يدعو “انفصاليي الداخل” إلى خلق الفوضى وتنفيذ عمليات إرهابية داخل مُدن صحراء المملكة
وجهت جبهة البوليسارية الانفصالية، عبر أحد قيادييها من تندوف على الأراضي الجزائرية تهديدات علنية وتحريض مباشر لخلق الفوضى وتنفيذ هجمات إرهابية بالأراضي المغربية، وذلك بعد مُضي سبعة أشهر تقريبا عن تبني الجبهة الانفصالية أيضا الهجوم الرباعي الذي تعرّضت له مدينة السمارة في الأقاليم الجنوبية للمملكة في 29 أكتوبر، وأسفر عن مقتل شاب وجرح ثلاثة آخرين، اثنان منهم في حالة حرجة، بعدما طال التفجير ثلاثة أحياء سكنية في المدينة ولم يستهدف الهجوم أي قواعد أو مواقع عسكرية في المنطقة.
وهذا التصعيد الجديد هذه المرة، تضمّنه تسجيل صوتي مسرّب للقيادي البارز في جبهة بوليساريو البشير مصطفى السيد، ويعود تاريخه لـ 28 أبريل2024، خاطب فيه ساكنة الأقاليم الجنوبية للمملكة، وهو يقول: “إذا كنا نحن هنا نموت بالعشرات لكي نحقق مكسبا، فأنتم تستطيعون تحقيق المكاسب بشيء قليل، ففرصنا نحن أقل مما تمتلكون أنتم”. في إشارة إلى الجدار العازل الذي يحول دول تسلل الانفصاليين إلى المملكة.
وتابع البشير مصطفى السيد، وهو أيضا شقيق الولي مصطفى السيد، مؤسس جبهة البوليساريو الانفصالية، بالقول: تقدرون بالقليل من المتفجرات إصابة الأهداف أكثر من الأهداف التى نصيبها خلال الحرب..، وإذا كنتم تريدون المتفجرات فما شاء الله نحن عندنا موجودة وتفسد عندنا في المخازن..”.
وبعدما أكد البشير مصطفى السيد، المتهم بقتل وتعذيب عشرات الموريتانيين داخل سجون البوليساريو خلال الفترة الممتدة بين 1975 و1978، استعداد الجبهة تسليح الموالين له من ساكنة الإقليم بما يكفى لإشعال الأوضاع المستقرة داخل المملكة من مختلف أنواع المتفجرات، طالب انفصاليي الداخل بالعمل على تجنيد الساكنة أيضا وهو يقول: “يجب على كل رجل منكم، ومناضلة منكم أن تقوم كل ليلة بإقناع ثلاثة أو أربعة أشخاص من أجل القيام بعمليات تفجير في السمارة، الداخلة، بوجدور، والعيون.. هذا إذا كنتم ترغبون في أن تكون الأرض المحتلة بركانا تحت أقدام الغزاة” في إشارة إلى المغرب.
ودافع البشير مصطفى السيد، وهو قائد التيار المعارض لرئيس الجبهة الانفصالية ابراهيم غالي، عن هذه الهجمات الإرهابية مشدّدا على أن هذه هي الطريقة التي ستُلهي المغرب عن الجبهة الانفصالية في تندوف، وتشتّت أفكاره وتوزع نيرانه بدلا من أن تكون مركزة على نقطة واحدة، ولكي يُحس العدو (المغرب)، بأن الأرض غير آمنة ولا يعرف أين سيوجه نيرانه.
وكانت ما يزيد عن 300 شخصية مغربية قد استنكرت الاعتداءات الإرهابية التي استهدفت مدينة السمارة في نونبر الماضي، والتي تبنّتها الميليشيات التابعة لجبهة “البوليساريو”، كما طالبت السلطات القضائية بتقديم كافة الأشخاص المتورطين في هذا الاعتداء الإرهابي أمام العدالة وتعميم مذكرات بحث قضائية لدى “الأنتربول” لمتابعتهم.
ووفق مضمون الوثيقة التي وقّعتها هذه الشخصيات، فإن اعتداء السمارة يصنف ميليشيات هذه المنظمة الانفصالية كتنظيم إرهابي، داعية إلى التنسيق مع الجهات الدولية الفاعلة في مجال مكافحة الإرهاب بهذا الشأن بعد إعلان العديد من عناصره عن تبنيهم لهذا العمل الإرهابي الذي استهدف المدنيين الآمنين، كما طالب موقعو هذه العريضة منظمة الأمم المتحدة بالاضطلاع بكافة أدوارها في حفظ السلم والأمن بالمنطقة، والمضي قدما في تنفيذ قرارات مجلس الأمن؛ وآخرها قرار 2703 الذي اعتبر الحكم الذاتي الحل الوحيد لطي الملف، محملين الدولة الجزائرية المسؤولية الكاملة باعتبارها الحاضنة لتنظيم مليشيات البوليساريو الإرهابي.
وفي نفس الوقت وجهت مجموعة من الدول الغربية تحذيرات لمواطنيها في الجزائر، وبالتحديد مدينة تندوف حيث مخيمات المحتجزين لدى جبهة البوليساريو، بمن فيهم بريطانيا وإسبانيا والولايات المتحدة الأمريكية، من “أعمال عنف” و”عمليات اختطاف” وهي مؤشرات تدل على “تنامي وعي المنتظم الدولي بالأدوار الحقيقية التي أصبحت تلعبها البوليساريو في المنطقة”.
وكان وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، قد تفاعل مع أحداث السمارة الارهابية، في تصريح قال فيه إن المغرب دولة مؤسسات تحترم القانون ولا تبتغي حربا أو تصعيدا، لهذا أرجأت الرد على التفجيرات “الإرهابية” التي شهدتها المدينة مؤكدا أن “التصعيد ليس هدفا للمغرب ولا يبتغيه كونه دولة مؤسسات تحترم القانون، ولطالما تصرّف بحكمة متبصرة، في تعامله مع الاستفزازات التي يجابهها ولا ينجر خلفها”.
وأشار بوريطة في سياق حديثه، إلى التحقيقات التي باشرتها السلطات القضائية المغربية بمعية بعثة الأمم المتحدة “المينورسو”، بشأن الأحداث التي شهدتها مدينة السمارة لافتا إلى أن المملكة “هي من ستحدد متى وكيف سترد، بما يكفله لها القانون الدولي”.
وفي الوقت الذي توعد ممثل المغرب الدائم لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، جبهة “البوليساريو” بالرد على “الهجوم الإرهابي” وفق القانون الدولي، مازالت المعطيات حول المقذوفات التي استعملت في هذا الاستهداف لم تتضح بعد، خصوصا وأن الجبهة الانفصالية استهدفت لأول مرة مدينة داخل التراب المغربي بالصحراء منذ اتفاق وقف إطلاق النار سنة 1991 بين “البوليساريو” والمملكة المغربية، برعاية أممية.