24 ساعة
تحت الاضواء الكاشفة
أراء وكتاب
بانوراما
الجزائر تنجح في مقايضة وشراء ذمم الأمريكين بالنفط
أصبح واضحا أن ملف قضية الصحراء المغربية عرف تطورات متسارعة ، وتغير نسبي للموقف الامريكي أكده القرار 2285 الذي صاغه ممثل الولايات المتحدة الامريكية في مجلس الامن، وبني هذا القرار في مجمله على التقرير الذي رفعه بان كيمون لمجلس الامن، وهو الامر الذي اعتبره المسؤولون المغاربة تحولا في الموقف الامريكي.
وكان خطاب الملك محمد السادس في قمة الخليجية المغربية واضحا، معلنا عزمه على تجاوز العلاقة التقليدية التي تربط المغرب بأمريكا مؤكدا أن المغرب حر في قراراته واختياراته وليس محمية تابعة لأي بلد، وهو ما نزله الملك عمليا من خلال زياراته الى روسيا والصين بحثا عن شراكات جديدة ، وبحثا عن حلفاء جدد.
وتمكن من قراءة المشهد السياسي بسرعة وعلم بأهداف أمريكا ومروغاتها وتحاولاتها وفك ألغاز سياساتها المعقدة والمتشابكة لتتضح الصورة وتنجلي الغبرة ويبرز سبب هذا التحرك المفاجئ لأمريكا الذي قررت تعديل سياستها في شمال إفريقيا وفق مصالحها ولو مؤقتا.
لكن يبقى السؤال الجوهري ما سبب هذا التحول في الموقف الامريكي؟ وما علاقة الموقف الامريكي من بداية صادرات جزائرية من بترول بعد سنوات من توقف نحو الولايات المتحدة الأمريكية ؟
تحركت الشركات الأمريكية العملاقة في قطاع تكرير البترول بسرعة، وبشكل غير مسبوق لشراء كميات “معتبرة” من حصص النفط الجزائري.
ولجأت الجزائر في الفترة الأخيرة لإستراتيجية جديدة لحماية حصتها من النفط الجزائري بالأسواق الأمريكية، ذلك بتعزيز قدراتها الإنتاجية ومن ثم التصدير، النفط الجزائري قد عاد بقوة مؤخرا ليكتسح الأسواق الأمريكية.
وأن أزيد من 433 ألف برميل نفط جزائري وصل مؤخرا إلى ميناء نيويورك، ووجدت بانتظارها هناك شركات أمريكية عملاقة لتكرير النفط لاقتناء حصص “هامة” من النفط الجزائري، منها “فليبس 66” الأمريكية لتكرير البترول، التي اشترت كميات مهولة من النفط الجزائري لإعادة تكريره بمصنع “باي واي” في منطقة نيو جرسي، مستفيدة من التكلفة المنخفضة للمحروقات الجزائرية مقارنة بالبترول الأمريكي المنتج محليا الشحنة تعد الأولى من نوعها منذ عام 2013، وقدمت من ميناء سكيكدة، في 29 مارس الماضي.
ويأتي إغراق السوق الأمريكية بالنفط الجزائري في وقت قلصت فيه الولايات المتحدة الأمريكية منذ قرابة السنة حجم وارداتها من النفط الجزائري لتكون في حدود 31 ألف برميل يوميا، وهو رقم “جد ضئيل” مقارنة بشحنة 433 ألف برميل يوميا المسجلة حاليا.
الجزائر عادت بقوة لسيطرة على مكانة “مرموقة” في السوق البترولية الأمريكية، بسبب انخفاض أسعار المحروقات في الأسواق الدولية، وارتفاع تكاليف إنتاج الغاز الصخري، ما جعل عديد من الشركات النفطية تتراجع عن مشاريعها الاستثمارية لاستخراج تلك “المحروقات غير التقليدية”، والتوجه بالمقابل نحو التزود بالنفط الجزائري الأقل تكلفة بكثير هذا ما يقره تحليل لإقتصادي لكن الشيء الخفي ، فميزان أمريكا يقيس درجة مصالحها ، والذي تمكن من وضع يده على نفط جزائري وبدأ يكيف قراراته سياسية بكمية النفط .
الجزائر سبق لها خسارة السوق الأمريكية للنفط، لكن عودتها جاأت مفاجئة وبقرار سياسي وفي توقيت واضح فرضه لوبي النفط الأمريكي والذي إنسجم مع سياسة الجزائرية في شراء ذمم دول و لعب “ورقة النفط”، لتفاوض في عدد من الملفات الدبلوماسية، وتستميلها إلى جانبها في عدد من القضايا خاصة قضية صحراء المغربية .
إن محاولة البعض تفسير هذا التحول الامريكي بتغير مزاج بعض السياسين الامريكين، أو علاقته بالانتخابات الامريكية، يدل عن فهم محدود لسياسة الخارجية الامريكية، فهذه السياسة لا يصنعها رؤساء البيت الأبيض ، ولا تكون تحت سيطرة مزاج هذا الرئيس أو ذاك وليست مرتبطة بالحزب الديمقراطي أو الجمهوري.
بل هي سياسة استراتيجية يتم رسمها داخل كواليس مراكز الدراسات الامريكية وفق مصالح الشركات الكبرى التي تتحكم في الاقتصاد العالمي، وتقرير الخارجية الأمريكية، في شهر أبريل الماضي، وما تضمنه من انتقادات شديدة اللهجة لأوضاع حقوق الإنسان بالمغرب دليل واضح على أن صبيب أنابيب نفط يسير بسرعة من سكيكدة نحو ميناء نيويورك.