24 ساعة
تحت الاضواء الكاشفة
أراء وكتاب
بانوراما
وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة: المغرب البلد الوحيد الذي يمتلك روابط لوجيستية وطاقية متكاملة مع أوروبا سنستثمرها في فك العزلة عن أفريقيا
قالت ليلى بنعلي، وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، إن المغرب هو “البلد الوحيد الذي يمتلك روابط لوجستية، وطاقية متكاملة مع أوروبا باتجاهين”، ليغدو بذلك همزة وصل متفردة بين القارتين، معربة عن تفاؤلها الغامر بالعقود الاستثمارية التي أبرمها المغرب وفرنسا أخيرا على زيارة الدولة التي قام بها الرئيس إيمانويل ماكرون، والتي تؤكد بحسبها أن الوقت قد حان للالتزام بنهج شامل وتشاركي، يضمن مكاسب مستدامة للطرفين، ويقوي من إمكانيات إدارة المخاطر المالية والتكنولوجية المشتركة، في إطار شراكة ندية تسير نحو مستقبل أكثر استدامة واستقرار.
وأبرم المغرب وفرنسا خلال زيارة الدولة التي قام بها الرئيس إيمانويل ماكرون، الأسبوع الماضي جملة من العقود الاستثمارية التي بلغت قيمتها عشرة مليارات أورو، في إطار شراكات طموحة، تشمل مجالات الهيدروجين الأخضر، والطاقة المتجددة، والطاقة الشمسية، ستعزز من مكانة المغرب كفاعل أساسي في مسار الانتقال الطاقي بالمنطقة.
وفي هذا الإطار، لم تُخف بنعلي في حوارها مع مجلة “LA TRIBUNE AFRIQUE” تفاؤلها الشديد بهذه الاتفاقيات الاستثمارية التي أبرمها البلدان، في إطار ما وصفتها بـ “المرحلة الجديدة في العلاقة المغربية الفرنسية، لبناء جيل جديد من الشراكات المتبادلة التي تعود بالنفع على الطرفين في مجالات الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، وإعادة صياغة تاريخ العلاقة بين المغرب وفرنسا، لتكون هذه العلاقة نقطة وصل لا غنى عنها لإفريقيا وأوروبا وحوض الأطلسي.”
وشدّدت المسؤولة الحكومية، على أنه بات من المهم جدًا للبلدين، في كلا القارتين، “فك العزلة عن إفريقيا عن طريق المغرب الذي يعد اليوم البلد الوحيد الذي يرتبط لوجستيًا، وثقافيًا، وطاقيًا مع القارة الأوروبية وباتجاهين، من خلال هذا الجيل الجديد من الشراكات في مجالات الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، الرامية لتعزيز مكانة المغرب كممر فريد بين أفريقيا وأوروبا.”
وأشارت المسؤولة الحكومية، إلى أن بعض الاتفاقيات الموقعة، مثل اتفاقية الشراكة الاستراتيجية في مجالات التعاون الطاقي، والاتصال، والانتقال الطاقي، “تتجاوز رؤية الإنتاج أو استخراج الموارد التقليدية، حتى المتجددة منها، إلى رؤية أوسع لنقل الطاقة والمنتجات” مضيفة: “وإذا كانت أوروبا وإفريقيا تسعيان للحفاظ على دورهما في المجالات الاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية، فيجب علينا إعادة تعريف استراتيجياتنا المشتركة بخطوط واضحة وجدول زمني عملي يلبي احتياجات شعوب ضفتي المتوسط.”
وأكدت بنعلي، أنه تماشيًا مع رؤية “مخطط المغرب”، تم توقيع اتفاقية مع TotalEnergies لحجز الأراضي التي ستسمح خلال جدول زمني واضح وشفاف بإنتاج جزيئات الهيدروجين الأخضر أو منتجات مشتقة أخرى بتكلفة تنافسية، ذلك أن “الأهم بالنسبة للمملكة هو أن يتم بحلول 2030-2035 تطوير هذه المصادر الطاقية على نطاق واسع بشكل تنافسي ومستدام.”، موردة أن مصادر الطاقة مثل النووي والطاقة الشمسية، حققت ما يقارب 10% من الحصة السوقية خلال أقل من عشرين عامًا، متفوقة على مصادر أخرى، كما استطاعت هذه المصادر تحقيق هذا النمو بفضل الدعم المباشر وغير المباشر من الدول التي دعمت هذه الطاقات، سواء كانت دول أوروبية أو الصين أو الولايات المتحدة، وانتقالات الطاقة في القرن الحادي والعشرين تجري بوتيرة أسرع مما كانت عليه في الماضي”.
وزادت الوزيرة بنعلي: “المغرب، كدولة ذات دخل متوسط، يسعى بالطبع إلى المساهمة في الجهود الدولية في مجال الانتقال الطاقي ومكافحة التغيرات المناخية، ولكنه يطمح أيضًا لتحقيق هدفه في التنمية المستدامة، إذ لم يعد السؤال متى وكم سنجني من هذا الشراكة، بل كيف نتمسك بنهج شامل وتشاركي يضمن مكاسب للطرفين بين المغرب وفرنسا، ما يمكننا من إدارة المخاطر المالية والتكنولوجية معًا بشكل أفضل.”
ووفق ما أكدته المسؤولة الحكومية، المغرب واثق تماما من تحقيق 56% من القدرة المركبة بحلول عام 2027، وإلى جانب هذا الهدف، هناك هدفان تقنيان تعمل عليهما الحكومة، الأول هو زيادة استهلاك الطاقات النظيفة من قبل الصناعيين والمستهلكين السكنيين، والسماح للمنتجين المستقلين للطاقة المتجددة بحقن الطاقة في الشبكة، والتعاون مع الجهات التنظيمية لنشر أسعار النقل والتوزيع بانتظام لتعزيز الشفافية.
وبالإضافة إلى ذلك، أشارت المتحدثة إلى أن المغرب يسعى إلى إعادة تعريف كفاءة الطاقة بشكل إيجابي، عبر تجربة تتيح للمستهلكين لأول مرة الحصول على مكافآت إذا قاموا بتخفيض استهلاكهم من خلال تحسين أدائهم الطاقي.
أما الهدف الثاني، الذي تصبو المملكة تحقيقه هو زيادة الاستثمارات في الشبكة موردة أنه “في عام 2021، عندما تولت الحكومة الحالية مسؤولية التدبير، تبين لها أن وتيرة الاستثمارات السنوية يجب أن تزيد بثلاثة أضعاف في مشاريع الطاقة المتجددة، وخمسة أضعاف في الشبكة، ويستلزم ذلك تطوير أنواع جديدة من الشراكات الاستراتيجية، مثل الشراكة مع فرنسا، والعمل معًا على هيكلة المشاريع بطريقة أسرع وأكثر فاعلية، مع إدماج المزيد من التمويل الخاص.”
وعلاقة بمجال الطاقة الشمسية، أشارت الوزيرة بنعلي إلى أنه تم توقيع اتفاق بين مجموعة OCP وشركة Engie بهدف إزالة الكربون، إذ يسعى المكتب الشريف للفوسفاط الرائد الوطني في مجال الأسمدة، إلى تحقيق الاستدامة في قضايا الأمن الغذائي، من خلال إزالة الكربون وخفض التكاليف لإنتاج الأمونياك الأخضر أو الطاقة اللازمة للصناعات، فيما ستشهد مجموعة من المشاريع التي ستتزايد بشكل مستمر وتكون مقترنة بمشاريع تخزين.
وأكدت، أن الحكومة ترمي إلى زيادة وتيرة الاستثمار في الشبكة ما يتطلب أيضًا إضافة تقنيات التخزين، بما يسمح للشبكة الكهربائية بإدارة تقلبات الطاقات المتجددة وإطلاق إمكانياتها، معربة في أن ترى المزيد من مشاريع البحث والتطوير في هذا المجال.